للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(مُقَدِّمَةٌ)

تَشْتَمِلُ على تعريفِ هذا العِلْمِ، وفائدتِه، واستمدادِه، وما يَتَّصِلُ بذلك مِن مُقدِّماتٍ ولواحقَ؛ كالدَّليلِ، والنَّظرِ، والإدراكِ، والعِلمِ، والعَقلِ، والحدِّ، واللُّغةِ ومَسائِلِها، وأحكامِها، وأحكامِ خِطابِ الشَّرعِ، وخطابِ الوضعِ، وما يَتَعَلَّقُ بهما، وغيرِ ذلك.

ومُقدِّمةُ العِلْمِ لِما تَتَوَقَّفُ عليه مسائلُه؛ كمعرفةِ حدودِه، وغايتِه، وموضوعِه، ومقدِّمةُ الكتابِ لطائفةٍ مِن كلامِه، قُدِّمَتْ أمامَ المقصودِ لارتباطٍ له بها، وانتفاعٍ بها فيه، سواءٌ تَوَقَّفَ عليها أم لا.

وهي بكسرِ الدَّالِ على المشهورِ، كلامٌ مُقَدَّمٌ أمامَ المقصودِ لتَوَقُّفِه عليه، أو انتفاعِه به بوجهٍ، كمُقدِّمةِ الجيشِ، وهي طائفةٌ تَتَقَدَّمُه، وهي مِن قَدَّمَ بمَعنى تَقَدَّمَ؛ كقولِه تَعالى {لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} (١) أي: لا تَتَقَدَّموا.

وقد تُفتَحُ الدَّالُ؛ لأنَّ صاحبَ الكتابِ، أو أميرَ الجيشِ قَدَّمَها، واقتصَرَ جماعةٌ على الكسرِ، والحقُّ جوازُ الوجهينِ بالاعتبارينِ، وهذه المادَّةُ تَرجِعُ تراكيبُها إلى مَعنى الأوَّليَّةِ، فمُقدِّمةُ الكتابِ: أَوَّلُه.

وهي في الأصلِ صفةٌ، ثمَّ اسمٌ لكلِّ ما وُجِد فيه التَّقدُّمُ، كمُقدِّمةِ الجيشِ والكتابِ، ومُقدِّمةِ الدَّليلِ والقياسِ: وهي القضيَّةُ الَّتي تُنْتِجُ ذلك مَعَ قضيَّةٍ أُخرى، نحوُ: «كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ، وَكُلُّ خَمْرٍ حَرَامٌ» (٢) ونحوُ: كلُّ وضوءٍ عبادةٌ، وكلُّ عبادةٍ تُشتَرَطُ لها النِّيَّةُ، ونحوُه.


(١) الحجرات: ١.
(٢) رواه مسلمٌ (٢٠٠٣) من حديثِ ابنِ عمرَ -رضي الله عنهما-.

<<  <   >  >>