للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وكَوْنُ المانعِ تفسيرًا للمُطَّرِدِ والجامعِ تفسيرًا للمُنعكسِ هو الصَّحيحُ الَّذِي عليه الأكثرُ، وعَكَسَ القَرَافِيُّ وأبو عليٍّ التَّميميُّ في «التَّذكِرَة في أُصُولِ الدِّينِ» (١)، والطُّوفِيُّ في «شَرحِه» (٢) فقالوا: كَوْنُه مُطَّرِدًا هو الجامعُ، وكونُه مُنعكسًا هو المانعُ، ويَجِبُ مساواةُ الحدِّ للمحدودِ؛ لأنَّه إنْ كانَ أعمَّ فلا دَلالةَ له على الأخصِّ، ولا يُفيدُ التَّمييزَ (٣)، وإن كانَ أخصَّ فلأنَّه أَخْفَى لأنَّه أقلُّ وُجودًا منه، ويَجِبُ أيضًا ألَّا يَكُونَ في لَفظِه مجازٌ وَلَا مُشتَركٌ؛ لأنَّ الحدَّ مُميِّزٌ للمَحدودِ، ولا يَحصُلُ المُميِّزُ مع واحدٍ مِنهما.

(وَهُوَ) أي: الحدُّ خمسةُ أقسامٍ:

الأَوَّلُ: (حَقِيقِيٌّ تَامٌّ) وهو الأصلُ، وإنَّما يَكُونُ حقيقيًّا تامًّا (إِنْ أَنْبَأَ عَنْ ذَاتِيَّاتِ المَحْدُودِ الكُلِّيَّةِ المُرَكَّبَةِ) كقولِك: ما الإنسانُ؟ فيُقالُ: حيوانٌ ناطقٌ، (وَلِذَا) أي: ولهذا القِسْمِ (حَدٌّ وَاحِدٌ) لأنَّ ذاتَ الشَّيْءِ لا يَكُونُ له حَدَّانِ.

فَإِنْ قِيلَ: جميعُ ذاتيَّاتِ الشَّيْءِ عينُ الشَّيءِ، والشَّيءُ لا يُفسِّرُ نَفْسَه.

فالجوابُ: أنَّ دَلالةَ المحدودِ مِن حَيْثُ الإجمالُ، ودَلالةَ الحدِّ مِن


(١) لم أقف عليه، وذكره الزركشي في «تشنيف المسامع بجمع الجوامع» (١/ ٢١٢) فقال: وكنت أظن أن هذا الخلاف حادث بين المتأخرين حتى وقفت على كتاب (التذكرة في أصول الدين) لأبي علي التميمي .. إلخ. وقال في موضع آخر (٤/ ٦٤١): وذكر أبو علي التميمي تلميذ الغزالي في (التذكرة).
وكذا الولي العراقي في «الغيث الهامع» (ص ٦٢) فقال: وسبقه إليه أبو علي التميمي في التذكرة في أصول الدين.
(٢) «شرحُ مُختصَرِ الرَّوضةِ» (١/ ١٧٨).
(٣) أي: لا نستفيد التمييز إن كان الحدُّ أعم من المحدود.

<<  <   >  >>