للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(وَبَيَانُ غَايَةٍ مَجْهُولَةٍ) كقولِه تَعالى: {حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} (١) (لَيْسَ) ذلك البيانُ (بِنَسْخٍ) في الأظهرِ؛ لأنَّ الحبسَ في الآيةِ لم يُنسَخْ؛ لأنَّ النَّسخَ أنْ يَرِدَ لفظٌ عامٌّ يُتَوَهَّمُ دوامُه ثمَّ يَرِدَ ما يَرفَعُ بعضَه، والآيةُ لم تَرِدْ بالحبسِ على التَّأبيدِ، وإنَّما وَرَدَتْ به إلى غايةٍ هي أنْ يَجعَلَ اللهُ لهنَّ سبيلًا، فأثبتَ الغايةَ فوَجَبَ الحدُّ بعدَ الغايةِ بالخبَرِ، ذَكَرَه القاضي (٢) في مسألةِ نسخِ القرآنِ بالسُّنَّةِ.

فائدتانِ:

إحداهما: في ذِكْرِ شُروطِ النَّسخِ:

منها: كونُ المنسوخِ حُكمًا شرعيًّا لا عقليًّا، وأنْ يَكُونَ مُنفصلًا مُتأخِّرًا عنِ المنسوخِ، وأنْ يَكُونَ النَّسخُ بخطابٍ شرعيٍّ، وألَّا يَكُونَ المنسوخُ مُقَيَّدًا بوقتٍ يَنتهي بانتهائِه في الأظهرِ كما سَبَقَ.

ومِنها: أنْ يَكُونَ النَّاسخُ أقوى مِن المنسوخِ أو مِثلَه عندَ الأكثرِ، كما سَبَقَ أيضًا.

ومِنها: أنْ يَكُونَ المنسوخُ ممَّا يَجُوزُ أنْ يَكُونَ مشروعًا، وألَّا يَكُونَ اعتقادًا، فلا يَدخُلُ النَّسخُ أصلَ التَّوحيدِ بحالٍ؛ لأنَّ اللهَ تَعَالَى بأسمائِه وصفاتِه لم يَزَلْ ولا يَزالُ.

ومِنها: ما عُلِمَ بالدَّليلِ أنَّه مُتَأَبِّدٌ كشريعةِ نبيِّنا -صلى الله عليه وسلم-.


(١) النساء: ١٥.
(٢) «العدة في أصول الفقه» (٣/ ٨٠٠).

<<  <   >  >>