للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(فَصْلٌ)

جمْعُ المُشتَركِ باعتبارِ مَعانيه مَبنيٌّ على جوازِ استعمالِ المفرَدِ في مَعانيه، ووجهُ البناءِ أنَّ التَّثنيةَ والجمعَ تابعانِ لِما يَسُوغُ المفردُ فيه، فحيثُ جازَ استعمالُ المفردِ في مَعنَيَيْه أو معانيه، جازَ تثنيةُ المُشتَركِ وجَمْعُه، وحيثُ لا، فلا، تَقُولُ: عيونُ زيدٍ، وتُريدُ به العينَ الباصرةَ، والعينَ الجاريةَ، وعينَ الميزانِ والذَّهبِ، وغيرَها، فعندَ الأكثرِ (يَصِحُّ إِطْلَاقُ جَمْعِ المُشْتَرَكِ) على معانيه، (وَ) إطلاقُ (مُثَنَّاهُ) على مَعنَيَيْه بأنْ يُريدَ المُتكلِّمُ بالمُشتَركِ مَعنَيَيْه أو معانيَه معًا (١) فيَصِحُّ (كَـ) ـما يَصِحُّ إطلاقُ (مُفْرَدٍ (٢) عَلَى كُلِّ مَا لَهُ) أي: ما للمفردِ مِن المعاني (مَعًا) فاستعمالُ المُشتَركِ في أحدِ مَعنَيَيْه أو معانيه جائزٌ قطعًا وهو حقيقةٌ؛ لأنَّه فيما وُضِعَ له، وأمَّا إطلاقُه على الكلِّ معًا في حالةٍ واحدةٍ ففيه مذاهبُ: أصحُّها أنَّه يَصِحُّ كقولِنا: العينُ مخلوقةٌ، ونريدُ جميعَ معانيها، وكقولِه تعالى: {إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ} (٣) فإنَّ الصَّلاةَ مِن اللهِ: الرَّحمةُ، ومِن الملائكةِ: دعاءٌ، ويَكُونُ إطلاقُه على جميعِها مجازًا لا حقيقةً، وقيلَ: حقيقةٌ لأنَّه يُوجِبُ حُكْمَه على الجمعِ، وفُهِمَ مِن الشَّرحِ أنَّ اللَّفظَ المُشتَركَ إذا لم يُستعمَلْ في وقتٍ واحدٍ بل في وقتينِ مثلًا؛ فإنَّ ذلك جائزٌ قطعًا.

(وَ) يَصِحُّ إطلاقُ (اللَّفْظِ) الواحدِ (عَلَى حَقِيقَتِهِ وَمَجَازِهِ الرَّاجِحِ) ويُحمَلُ عليهما (مَعًا مَجَازًا) كالمسألةِ الَّتي قَبْلَها لاتِّحادِهما، فيَكُونُ


(١) ليس في (د).
(٢) في «مختصر التحرير» (ص ١٥١): كمفرده.
(٣) الأحزاب: ٥٦.

<<  <   >  >>