للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ومَحَلُّ صِحَّةِ الإطلاقِ والحملِ على المعنيينِ أو المعاني عندَ القائلِ به حَيْثُ لا يَكُونُ بينَهما أو بينَهم تنافٍ، (فَإِنْ تَنَافَيَا كَـ) استعمالِ لفظِ (افْعَلْ، أَمْرًا وَتَهْدِيدًا: امْتَنَعَ) الإطلاقُ والحملُ.

(وَأُلْحِقَ بِذَلِكَ: المَجَازَانِ المُتَسَاوِيَانِ (١) أي: أَلْحَقَ جمعٌ مِن العلماءِ المَجازَينِ المُتساوِيَينِ بالحقيقةِ والمجازِ، فعلى هذا إذا تَعَذَّرَ حمْلُ اللَّفظِ على مَعناه الحقيقيِّ أو قامَ دليلٌ على أنَّه غيرُ مرادٍ، وعُدِلَ إلى المعنى المجازيِّ إطلاقًا أو حملًا، وكانَ المجازُ مُتَعَدِّدًا جازَ إرادةُ الكلِّ، وساغَ للسَّامِعِ الحملُ على الكلِّ بشرطِ كَوْنِ المجازَينِ مُتساوِيَينِ.

مثالُ ذلك: لو حَلَفَ لا يَشتَري دارَ زيدٍ، وقامَتْ قرينةٌ على أنَّ المرادَ لا يَعقِدُ بنَفْسِه، وتَرَدَّدَ الحالُ بينَ السَّوْمِ وشراءِ الوكيلِ؛ فيُحمَلُ عليهما، ويَحنَثُ بكلٍّ منهما.

(وَدَلَالَةُ الِاقْتِضَاءِ وَالإِضْمَارِ عَامَّةٌ) أي: غيرُ مُجملَةٍ، ولا لنفيِ الإثمِ على الصَّحيحِ، واستُدلَّ له بما رَوى الطَّبَرانِيُّ (٢) وغيرُه بإسنادٍ جيِّدٍ عنِ ابنِ عبَّاسٍ -رضي الله عنهما- مرفوعًا: «إِنَّ اللهَ تَجَاوَزَ لِي عَنْ أُمَّتِي الخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ»، ورَوَاه ابنُ ماجه ولفظُه: «إِنَّ اللهَ وَضَعَ» (٣)، ورَوَى ابنُ عَدِيٍّ: «رَفَعَ اللهُ عَنْ هَذِهِ الأُمَّةِ ثَلَاثًا: الخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَالأَمْرَ يُكْرَهُونَ عَلَيْهِ» (٤).

فمِثْلُ هذا يُقالُ فيه مُقتضى الإضمارِ، ومُقتضاه الإضمارُ، ودَلالتُه على المضمَرِ دَلالةُ إضمارٍ واقتضاءٍ، فالمُضمَرُ عامٌّ.


(١) في (ع): المستويان.
(٢) «المعجم الكبير» (١١/ ١٣٣).
(٣) رواه ابن ماجه (٢٠٤٥)، وابن حبان (٧٢١٩) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما-
(٤) «الكامل في ضعفاء الرجال» (٢/ ٣٩٠). وضعَّفه ابن الملقن في «البدر المنير» (٤/ ١٨٢).

<<  <   >  >>