للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(فَيُحِبُّ) سُبحانَه: الإيمانَ، والعملَ الصَّالحَ، (وَيَرْضَى: مَا أَمَرَ بِهِ فَقَطْ) وَلَا يَرضى بالكُفرِ والفسوقِ والعصيانِ ولا يُحِبُّه، كما لا يَأْمُرُ به، وإنْ كانَ قد شاءَه، (وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ) لِحكمةٍ (١) (بِمَشِيئَتِهِ) فيَكُونُ ما شاءَ لمشيئتِه، فيُحِبُّ تلك الحكمةَ، وإنْ كانَ لا يُحِبُّه، فلم يَفعَلْ قبيحًا مُطلقًا، ولهذا كانَ حَمَلَةُ الشَّرعِ مِن السَّلفِ والخَلَفِ مُتَّفِقِينَ على أنَّه لو حَلَفَ ليَفْعَلَنَّ واجبًا أو مُستحبًّا كقضاءِ دينٍ يَضِيقُ وقتُه، أو عبادةٍ يَضِيقُ وَقتُها، وقال: «إنْ شاءَ اللهُ»، ثمَّ لم يَفْعَلْ؛ لم يَحنَثْ.

(فَائِدَةٌ)

(الأَعْيَانُ) والمُعاملاتُ (وَالعُقُودُ المُنْتَفَعُ بِهَا قَبْلَ) وُرودِ (الشَّرْعِ) بحُكْمِها مباحةٌ؛ لأنَّ خَلْقَها لا لِحِكمةٍ عَبَثٌ، ولا حِكْمَةَ إلَّا انتفاعُنا بها؛ إذ هو خالٍ عن مفسدةٍ كالشَّاهدِ، وقد قَالَ اللهُ تَعالى: {هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ مَا فِي الْأَرْضِ جَمِيعًا} (٢)، وقالَ تَعالى: {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ} (٣)، وقالَ -صلى الله عليه وسلم-: «مَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ مِمَّا عَفَا عَنْهُ» (٤)، وغيرُ ذلك مِن


(١) في (ع): لحكمته.
(٢) البقرة: ٢٩.
(٣) الأعراف: ٣٢.
(٤) رواه أبو داودَ (٣٨٠٠) مِن حديثِ ابنِ عبَّاسٍ -رضي الله عنهما-.
ورواه التِّرمذيُّ (١٧٢٦)، وابنُ ماجه (٣٣٦٧) مِن حديثِ سلمانَ -رضي الله عنه- قال: سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنِ السَّمْنِ وَالجُبْنِ وَالفِرَاءِ، فقَالَ: «الحَلَالُ مَا أَحَلَّ اللهُ فِي كِتَابِهِ، وَالحَرَامُ مَا حَرَّمَ اللهُ فِي كِتَابِهِ، وَمَا سَكَتَ عَنْهُ فَهُوَ مِمَّا عَفَا عَنْهُ».
قالَ التِّرمذيُّ: حَسَنٌ غريبٌ، ورجَّحَ وَقْفَه على سلمانَ -رضي الله عنه-، وقالَ في «العِلل الكبير» (٥١٣): سَأَلْتُ محمَّدًا عن هذا الحديثِ فقَالَ: ما أراه محفوظًا.
وضعَّفه شيخي العلَّامةُ الحوينيُّ في «الفتاوى الحديثيَّة» (٣).

<<  <   >  >>