للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأوَّلِ كذلك، فلا يَتَسَلْسَلُ.

وأيضًا المُنازعونَ يَقولون: كلُّ مخلوقٍ مُرادٌ لنَفْسِه، فلأَنْ يَجُوزَ في بعضِها أنْ يَكُونَ مُرادًا أَوْلى، والتَّسلسُلُ إِنَّمَا يَكُونُ للاستقباليِّ (١) فإنَّ الحكمةَ قد تكُونُ حاصلةً بعدَه، وهي مستلزمةٌ لحِكمةٍ أُخرى وهلمَّ جرًّا، فعلى هذا يَكُونُ فِعلُه وأمْرُه تَعالى لعِلَّةٍ وحِكمةٍ، وحُكِيَ إجماعُ السَّلفِ.

وقال الشَّيخُ: أكثرُ أهلِ السُّنَّةِ على إثباتِ الحِكمةِ والتَّعليلِ. انتهى.

كقولِه تَعالى: {مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ كَتَبْنَا عَلَى بَنِي إِسْرَائِيلَ} (٢)، وقولِه تَعالى: {كَيْ لَا يَكُونَ دُولَةً بَيْنَ الْأَغْنِيَاءِ مِنْكُمْ} (٣)، وقولِه تَعالى: {وَمَا جَعَلْنَا الْقِبْلَةَ الَّتِي كُنْتَ عَلَيْهَا إِلَّا لِنَعْلَمَ} (٤) ونظائرِها، ولأنَّه سُبحانَه حكيمٌ شَرَعَ الأحكامَ لحِكمةٍ ومصلحةٍ؛ لقولِه تَعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ} (٥).

(وَهِيَ) أي: مشيئةُ اللهِ (وَإِرَادَتُهُ) تَعالى، (لَيْسَتَا بِمَعْنَى مَحَبَّتِهِ، وَرِضَاهُ، وَسَخَطِهِ، وَبُغْضِهِ).

وذَهَبَ بعضُهم إلى أنَّ الكُلَّ بمَعنًى واحدٍ، والَّذي عليه السَّلفُ وعامَّةُ الأئمَّةِ مِن الفقهاءِ، ومِن أصحابِ الأئمَّةِ، كالحنفيَّةِ والمالكيَّةِ والشَّافعيَّةِ وأصحابِنا، والمُحَدِّثينَ والصُّوفيَّةِ، والنُّظَّارِ وغيرِهم: الفَرْقُ.


(١) في (ع): للاستقبال.
(٢) المائدة: ٣٢.
(٣) الحشر: ٧.
(٤) البقرة: ١٤٣.
(٥) الأنبياء: ١٠٧.

<<  <   >  >>