للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(وَكَذَا العَكْسُ) وهو أنَّ النَّهيَ عن شيءٍ مُعَيَّنٍ أمْرٌ بضِدِّه مِن جهةِ المعنى لا اللَّفظِ، كالنَّهي عن صومِ يومِ العيدِ أمْرٌ بفِطرِه.

تنبيهٌ: النَّهيُ إنْ كانَ له ضدٌّ واحدٌ فمأمورٌ به قطعًا، كالنَّهيِ عنِ الكُفرِ، فإنَّه أمرٌ بالإيمانِ، وإنْ كانَ له أضدادٌ كالنَّهيِ عنِ القيامِ، فإنَّ له أضدادًا مِن ركوعٍ وسجودٍ وقعودٍ ونَحوِها، ففي الأمْرِ بها إذا قُلْنَا أمرٌ بأضدادِه، أو يَستلْزِمُه، هل المُرادُ جميعُ الأضدادِ أو واحدٌ منها لا بعينِه؟

فيه خلافٌ، الصَّحيحُ أنَّه أمرٌ بجميعِ الأضدادِ، كما يَظْهَرُ مِن عباراتهم، ولهذا قال: (وَلَوْ تَعَدَّدَ ضِدٌّ) لكنْ قالوا في تمثيلِهم: كالأمرِ (١) بالقيامِ فإنَّ له أضدادًا، [إلى آخِرِه] (٢)، وقاسُوا النَّهيَ عليه.

(وَنَدْبٌ) أي: وأمْرُ نَدْبٍ، (كَـ) أمْرِ (إِيجَابٍ) عندَ الأكثرِ إنْ قيلَ: مأمورٌ به حقيقةً.

(وَالأَمْرُ بَعْدَ:

(١) حَظْرٍ) للإباحةِ على الصَّحيحِ الَّذِي عليه الجُمهورُ، ومنه قولُه تعالى: {وَإِذَا حَلَلْتُمْ فَاصْطَادُوا} (٣)، وقولُه -عليه الصلاة والسلام-: «كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنِ ادِّخَارِ لُحُومِ الأَضَاحِيِّ؛ فَادَّخِرُوهَا» (٤).

تنبيهٌ: مَحَلُّ ذلك إذا فَرَّعْنا على أنَّ اقتضاءَ الأمرِ: الوجوبُ، فوَرَدَ بعدَ حظرٍ، ففيه هذا الخلافُ، والصَّحيحُ أنَّه للإباحةِ حقيقةً؛ لتَبادُرِها إلى الذِّهنِ في ذلك، لغلبةِ استعمالِه فيها حينئذٍ، والتَّبادُرُ علامةُ الحقيقةِ، وأيضًا


(١) في (ع): كأمر.
(٢) ليست في (د).
(٣) المائدة: ٢.
(٤) رواه الترمذي (١٥١٠)، والنسائي (٤٤٣٠) من حديث بُريدة -رضي الله عنه-، وقال الترمذي: حسن صحيح.

<<  <   >  >>