للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واحتجَّ في «العدة» (١) و «التَّمهيد» (٢) بأنَّه مُخاطَبٌ بالإيمانِ، وهو شرطُ العبادةِ، كالطَّهارةِ للصَّلاةِ.

والمرادُ بالإيمانِ: العقائدُ الأوائلُ، الَّتي لا تَتَوَقَّفُ على سَبْقِ شيءٍ، ويُلْحَقُ بها: تصديقُ الرُّسُلِ، والكَفُّ عن أذاهم بقتلٍ، أو قتالٍ، أو غيرِ ذلك، وإنْ كانَ ذلك مِن الفروعِ.

(وَالفَائِدَةُ) في خطابِ الكُفَّارِ بفروعِ الإسلامِ: (كَثْرَةُ عِقَابِهِمْ فِي الآخِرَةِ) لا المُطالبةُ بفِعلِها في الدُّنيا، ولا قضاءُ ما فاتَ مِنها [في الآخرةِ] (٣)، لكنْ قَالَ الأستاذُ أبو إسحاقَ الإسفرايينيُّ في «أصولِه»: لا خلافَ بينَ المسلمينَ أنَّ خطابَ الزَّواجرِ مِن الزِّنا والقذفِ مُتَوَجِّهَةٌ عليهم كالمسلمينَ (٤). انتهى.

لأنَّ الكفَّ ممكنٌ حالَ (٥) الكفرِ، بخلافِ فِعلِ الطَّاعاتِ، وأيضًا: فإنَّهم يُعاقَبون على تَركِ الإيمانِ بالقتلِ، والسَّبْيِ، وأخذِ الجزيةِ، والحدِّ في الزِّنا، والقذفِ، وقطعِ السَّرقةِ، ولا يُؤمَرون بقضاءِ شيءٍ مِن العباداتِ.

(وَمُلْتَزِمُهُمْ) أي: والملتزمُ مِنهم أحكامَ المسلمينَ (فِي إِتْلَافٍ) لمالِ غيرِه، (وَ) في (جِنَايَةٍ) على نحوِ بهيمةٍ، (وَ) في (تَرَتُّبِ أَثَرِ عَقْدِ) مُعَاوَضَةٍ وغيرِه (كَمُسْلِمٍ) إجماعًا، فهُم مُؤاخَذون بالإتلافاتِ والجناياتِ، وما يَتَرَتَّبُ على العقدِ مِن الآثارِ مِن غيرِ نزاعٍ، لكنَّ هذه الأحكامَ مِن خطابِ


(١) في (ع)، (د): العمدة. ينظر: «العدة في أصول الفقه» (٢/ ٣٦٤).
(٢) «التمهيد في أصول الفقه» (١/ ٣٠٩).
(٣) ضرب عليها في (ع).
(٤) ينظر: «البحر المحيط» (٢/ ١٣١)، و «الفوائد السنة» للبِرماوي (١/ ٢٠٠).
(٥) في (ع): حالة.

<<  <   >  >>