للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وما قالوه موجودٌ فيها، فلو صَحَّ ما قالُوه لكانَ النَّصُّ عليها عَبَثًا والإجماعُ عليها خطأً، ونفيُ الفائدةِ أو قَصْرُها فيما نَفَوْه ممنوعٌ.

(وَالنَّقْضُ) وجودُ العِلَّةِ بلا حُكْمٍ (وَيُسَمَّى) أي: سَمَّاه الحنفيَّةُ: (تَخْصِيصَ العِلَّةِ)، وقد يُعَدُّ مِن شروطِ العِلَّةِ أنْ تَكُونَ مُطَّرِدةً؛ أي: كُلَّما وُجِدَتْ وُجِدَ الحُكْمُ، و (عَدَمُ اطِّرَادِهَا) ويُسَمَّى نقضًا هو (بِأَنْ تُوجَدَ) العِلَّةُ (بِلَا حُكْمٍ) أي: يُوجَدُ الوصفُ الَّذِي يُدَّعَى أنَّه عِلَّةٌ في مَحَلٍّ مانعٍ عدمَ الحُكمِ فيه، وتَختلفُ عنها، كأنْ يُقالَ في تعليلِ وجوبِ تَبْيِيتِ النِّيَّةِ في الصَّومِ الواجبِ: صومٌ عَرِيَ أوَّلُه عنِ النِّيَّةِ، فلا يَصِحُّ كالصَّلَاةِ، فتُنتَقَضُ العِلَّةُ وهي العُرْيُ في أوَّلِه بصومِ التَّطوُّعِ، فإِنَّه يَصِحُّ مِن غيرِ تبييتٍ، ثمَّ تَخَلَّفَ الحُكمُ عنِ الوصفِ، إمَّا في وصفٍ ثَبَتَتْ عِلِّيَّتُه بنصٍّ قطعيٍّ أو ظَنِّيٍّ أو باستنباطٍ، والتَّخلُّفُ إمَّا لمانعٍ أو فقدِ شرطٍ أو غيرِهما فهي تسعةٌ مِن ضربِ ثلاثةٍ في ثلاثةٍ.

(وَ) قد اختلفَ العلماءُ في بقاءِ العِلَّةِ حُجَّةً بعدَ النَّقضِ على عشرةِ أقوالٍ: أَصَحُّها: أنَّ النَّقضَ (لَا يَقْدَحُ) في العِلَّةِ (مُطْلَقًا) سواءٌ ثَبَتَتْ (١) بنصٍّ قطعيٍّ أو ظَنِّيٍّ أو باستنباطٍ، (وَتَكُونُ) العِلَّةُ (حُجَّةً فِي غَيْرِ مَا خُصَّ) كالعامِّ إذا خُصَّ به، واستُدلَّ له بأنَّ النَّقضَ يَلْزَمُ فيه مانعٌ أو عدمُ شرطٍ، وإلَّا فلا علَّةَ، ونقيضُ أحدِهما جزءٌ مِن العِلَّةِ؛ لتوقُّفِ الحُكمِ عليه، والكُلُّ وهو العِلَّةُ يَنتفي بعدمِ جُزئِه (٢).

(وَالتَّعْلِيلُ لِجَوَازِ الحُكْمِ: لَا يَنْتَقِضُ بِأَعْيَانِ المَسَائِلِ) كقَوْلِنا في الزَّكاةِ في مالِ الصَّبيِّ بأنَّه حُرٌّ مُسلِمٌ، فجازَ أنْ تَجِبَ الزَّكاةُ في مالِه كالبالغِ، فقالَ


(١) في «د»: ثبت.
(٢) في «ع»: جزئيه.

<<  <   >  >>