للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(وَهُوَ) أي: المُستفيضُ: الأصحُّ أنَّه (مَا زَادَ نَقَلَتُهُ عَلَى ثَلَاثَةٍ) عدولٍ، فلا بدَّ أنْ يَكُونوا أربعةً فصاعدًا، ما لم يَتَوَاتَرْ.

(وَيُفِيدُ) الحديثُ المُستفيضُ المشهورُ (عِلْمًا نَظَرِيًّا)، وقالَ ابنُ فُورَكَ: «المُسْتَفِيضُ يُفِيدُ القَطْعَ» (١) فجَعَلَه مِن أقسامِ المتواترِ.

(وَغَيْرُهُ) أي: غيرُ المُستفيضِ مِن الأحاديثِ كخبَرِ الواحدِ العَدلِ (يُفِيدُ الظَّنَّ فَقَطْ) هذا هو الصَّحيحُ عندَ الإمامِ أحمدَ، والأكثرِ؛ لاحتمالِ السَّهْوِ والغلطِ ونَحوِهما، نَصَّ عليه الإمامُ أحمدُ في روايةِ الأَثرمِ، وأنَّه يُعمَلُ به، ولا يُشْهَدُ أنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قالَه. وأَطلَقَ ابنُ عبدِ البَرِّ (٢) وجماعةٌ أنَّه قولُ جمهورِ أهلِ الفقهِ والأثرِ والنَّصِّ؛ لأنَّه لو أَفادَ العِلْمَ لتَنَاقَضَ معلومانِ عندَ إخبارِ عَدلَينِ بمُتناقِضَينِ، فلا يَتَعَارَضُ خَبَرانِ، ولَثَبَتَتْ نُبُوَّةُ (٣) مُدَّعِي النُّبُوَّةِ بقولِه بلا مُعجزةٍ، ولكانَ كالمُتواترِ فيُعارَضُ به المُتواترُ، ويَمتنِعُ التَّشكيكُ بما يُعارِضُه، وكَذِبُهُ وسَهْوُه وغَلَطُه، ولا يَتَزايَدُ بخبَرٍ ثانٍ وثالثٍ، ويُخطِئُ مَن خالَفَه باجتهادٍ، وذلك خلافُ الإجماعِ، فظاهِرُه أنَّه لا يُفيدُ العِلْمَ (وَلَوْ مَعَ قَرِينَةٍ) تَدُلُّ على صِدقِه.

وقيلَ: يُفيدُ العِلمَ بالقرائنِ.

قالَ في «شرحِ الأصلِ»: وهذا أظهرُ وأصحُّ، لكنْ قال المَاوَرْدِيُّ (٤): القرائنُ


(١) ينظر: «تشنيف المسامع» للزَّركشي (٢/ ٩٥٨)، و «الغيث الهامع» لابن العراقي (ص ٤١٦).
(٢) «التمهيد» (١/ ٧).
(٣) ليست في (د).
(٤) كذا في (د)، (ع)، و «التحبير شرح التحرير»، و «شرح الكوكب المنير» (٢/ ٣٤٩). وفي: «الفوائد السَّنية» (٢/ ٤٧) عزاه للمازري، ولعله الصواب، فالنص في كتاب المازري: «إيضاح المحصول من برهان الأصول» (ص ٤٢٤).

<<  <   >  >>