للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لا يُمكِنُ أنْ تُضبَطَ بعبارةٍ. وقالَ غيرُه: يُمكِنُ أنْ تُضبَطَ بما تَسْكُنُ إليه النَّفسُ، كسُكُونِها إلى المتواترِ، أو قريبٍ منه، بحَيثُ لا يَبقى فيه احتمالٌ عندَه.

ومِن القرائنِ المُفيدةِ للقَطعِ: الإخبارُ بحَضْرَتِه -صلى الله عليه وسلم- ولا يُنْكِرُه، أو بحَضرَةِ جَمْعٍ يَستحيلُ تَواطُؤُهم على الكذبِ ونَحْوِه (١). انتهى.

(إِلَّا إِذَا نَقَلَهُ) أي: نَقَلَ غيرَ المستفيضِ (آحَادُ الأَئِمَّةِ المُتَّفَقِ عَلَيْهِمْ) أي: على عَدَالَتِهِمْ ودِينِهم، (مِنْ طُرُقٍ مُتَسَاوِيَةٍ، وَتُلُقِّيَ) المنقولُ (بَالقَبُولِ؛ فَـ) ـإنَّه يُفِيدُ (العِلْمَ فِي قَوْلِ) المُحَقِّقينَ مِن أصحابِنا وغيرِهم.

قالَ القاضي مِنهم: هذا المذهبُ.

وقالَ أبو الخَطَّابِ (٢): هذا ظاهرُ كلامِ أصحابِنا. ولم يَحْكِ فيه خلافًا.

قالَ ابنُ الصَّلَاحِ: ما أَسْنَدَه البخاريُّ ومسلمٌ (٣) العِلْمُ اليقينيُّ النَّظريُّ واقعٌ به، خلافًا لمَن نَفَى ذلك مُحتَجًّا بأنَّه لا يُفيدُ في أصلِه إلَّا الظَّنَّ، وإنَّما تَلَقَّتْه الأُمَّةُ بالقَبولِ؛ لأنَّه يَجِبُ عليهم العملُ بالظَّنِّ، والظَّنُّ قد يُخطِئُ.

قالَ: وقد كُنْتُ أَمِيلُ إلى هذا وأَحْسَبُه قويًّا، ثمَّ ظَهَرَ لي أنَّ المذهبَ الَّذِي اختَرْناه أوَّلًا هو الصَّحيحُ؛ لأنَّ ظَنَّ مَنْ هو معصومٌ مِنَ الخطأِ لا يُخطِئُ، والأُمَّةُ في إجماعِها معصومةٌ مِن الخطأِ (٤).

قالَ النَّوويُّ: وخالفَ ابنَ الصَّلاحِ المُحَقِّقُونَ وَالأَكْثَرُونَ، وقَالُوا: يُفِيدُ الظَّنَّ مَا لَمْ يَتَوَاتَرْ (٥).


(١) «التحبير شرح التحرير» (٤/ ١٨١٢ - ١٨١٣).
(٢) «التمهيد في أصول الفقه» (٣/ ٨٣).
(٣) ليست في (ع).
(٤) «مَعرِفَةُ عُلومِ الحديثِ» (١/ ٩٧).
(٥) «التَّقريبُ والتَّيسيرُ» (ص: ٢٨).

<<  <   >  >>