للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(٣) (وَكَذَا) لو كانَ النَّهيُ عن عقدٍ (لِمَعْنًى فِي غَيْرِهِ) وهو القسمُ الثَّالثُ؛ أي: لأمرٍ خارجٍ غيرِ لازمٍ، (كَـ) النَّهيِ عن (بَيْعٍ بَعْدَ نِدَاءِ جُمُعَةٍ (١) فالصَّحيحُ أنَّه يَقتضي فسادَه، كالوضوءِ بماءٍ مغصوبٍ، فإنَّ النَّهيَ عنه لأمرٍ خارجٍ عنه، وهو الغصبُ، يَنْفَكُّ بالإذنِ مِن صاحبِه، أو المِلكِ، ونَحوِه.

و (لَا) يَقتضي النَّهيُ فسادَ المنهيِّ عنه إنْ كانَ النَّهيُ (عَنْ غَيْرِهِ) أي: إنْ كانَ النَّهيُ عن غيرِ عقدٍ (لِحَقِّ آدَمِيٍّ) فحيثُ قال أصحابُنا باقتضاءِ (٢) النَّهيِ الفسادَ، فمُرادُهم: ما لم يَكُنْ لحقِّ آدميٍّ يُمكِنُ استدراكُه، فإنْ كانَ ولا مانعَ (كَتَلَقِّـ) ـي الرُّكبانِ، وكـ (نَجْشٍ): وهو أنْ يَزيدَ في السِّلعةِ مَن لا يُريدُ شراءَها، (وَ) كـ: (سَوْمٍ) على سومِ مسلمٍ (وَخِطْبَةٍ) على خِطبتِه (وَتَدْلِيسٍ) لِمَبِيعٍ: (فيَصِحُّ) العقدُ عندَ الأكثرِ؛ لإثباتِ الشَّرعِ الخيارَ في التَّلقِّي.

(وَالنَّهْيُ يَقْتَضِي:

(١) الفَوْرَ،

(٢) وَالدَّوَامَ) عندَ أصحابِنا وعامَّةِ العلماءِ، لأنَّ مَن نهى عن فِعلٍ بلا قرينةٍ، عُدَّ مخالفًا لغةً وعرفًا؛ أي: وقتَ فِعلِه، ولهذا لم تَزلِ العلماءُ تَستدلُّ به مِن غيرِ نكيرٍ، والنَّهيُ يَقتضي قُبحَ المَنهيِّ عنه،

والفرقُ بينَه وبينَ الأمْرِ: أنَّ الأمرَ له حَدٌّ يَنتهي إليه، فيَقَعُ الامتثالُ فيه بالمرَّةِ، وأمَّا الانتهاءُ عنِ المَنهيِّ عنه فلا يَتَحَقَّقُ إلَّا باستيعابِه في العُمرِ، فلا يُتَصَوَّرُ فيه تكرارٌ، بل الاستمرارُ به يَتَحَقَّقُ الكفُّ،


(١) في قوله تعالى: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نُودِيَ لِلصَّلَاةِ مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فَاسْعَوْا إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ وَذَرُوا الْبَيْعَ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ}.
(٢) في (د): اقتضاء.

<<  <   >  >>