للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

ذلك ما إذا قالَ الشَّافعيُّ فيمن أتى حدًّا خارجَ الحرمِ ثمَّ لَجَأَ إلى الحرمِ: يُستوفى منه الحدُّ؛ لأنَّه وُجِدَ بسببِ الاستيفاءِ منه، فكان جائزًا. فيَقولُ الحنبليُّ أو الحنفيُّ: أنا قائلٌ بمُوجَبِ دليلِك وأنَّ استيفاءَ الحدِّ جائزٌ، وإنَّما أُنازِعُ في هَتْكِ حُرمةِ الحرمِ، [وليسَ في دليلِك ما يَقتضي جوازَه، فهذا قد سَلَّمَ للمُستدلِّ مُقتضى دليلِه، وهو جوازُ استيفاءِ الحدِّ، وادَّعَى بقاءَ الخلافِ في شيءٍ آخَرَ، وهو هتكُ حُرمةِ الحرمِ] (١).

(وَأَنْوَاعُهُ) أي: أنواعُ القولِ بالموجبِ ثلاثةٌ:

أحدُها: (أَنْ يَسْتَنْتِجَ مُسْتَدِلٌّ) مِن دليلِه (مَا يَتَوَهَّمُهُ مَحَلَّ النِّزَاعِ، أَوْ لَازِمَهُ) أي: لازمَ مَحَلِّ النِّزاعِ، (كـ) أنْ يَقُولَ في (القَتْلِ بِمُثَقَّلٍ: قَتْلٌ بِمَا يَقْتُلُ غَالِبًا، فَلَا يُنَافِي القَوَدَ كَمُحَدَّدٍ، فَيُقَالُ) مِن المُعتَرضِ: (عَدَمُ المُنَافَاةِ لَيْسَ مَحَلَّ النِّزَاعِ وَلَا لَازِمَه) فلا يَلزَمُ مِن عدمِ مُنافاةٍ بينَ شيئينِ ملازمةٌ.

(أَوْ) أي: والنَّوعُ الثَّاني: أنْ يَستنتجَ مُستدلٌّ (إِبْطَالَ مَأْخَذٍ (٢) يَتَوَهَّمُهُ مَأْخَذَ) أي: مذهبَ (الخَصْمِ كَـ) قولِ الحنبليِّ أيضًا في وجوبِ القصاصِ بالقتلِ بالمُثَقَّلِ: (التَّفَاوُتُ (٣) فِي الوَسِيلَةِ) أي: في الآلةِ (لَا يَمْنَعُ) وُجوبَ (القَوَدِ، كَـ) التَّفاوتِ في (مُتَوَسَّلٍ إِلَيْهِ) أي: إلى القتلِ، فإِنَّه إذا ذَبَحَه، أو ضَرَبَ عُنقَه، أو طَعَنَه برمحٍ، أو رماه بسهمٍ، أو غيرَ ذلك مِن صورِ القتلِ لم يَمنَعِ القصاصَ، [فكذلك إذا كانَ التَّفاوُتُ في الآلةِ لا يَمنعُ القصاصَ] (٤) مُحَدَّدَةً كانَتْ أو مُثَقَّلَةً؛ إذِ الحنفيُّ يَرى أنَّ التَّفاوتَ في الآلةِ يَمنَعُ القصاصَ؛ لأنَّ المُثَقَّلَ لَمَّا تقاصَرَ تأثيرُه عنِ المحدَّدِ أَوْرَثَ ذلك شبهةً، والقصاصُ


(١) ليس في «د».
(٢) في «مختصر التحرير» (ص ٢٤١): ما.
(٣) في «ع»: التفات.
(٤) ليس في «ع».

<<  <   >  >>