للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(تنبيهٌ): لمَّا فَرَغَ مِن أحكامِ المُقدِّمةِ، ومَسائِلِها، وما يَتَعَلَّقُ بها، شَرَعَ في بيانِ موضوعِ علمِ أصولِ الفقهِ، وهو «أدلَّةُ الفقهِ».

و (الأَدِلَّةُ) المُتَّفَقُ عليها في الجملةِ أربعةٌ:

(١) (الكِتَابُ): وهو القرآنُ (وَهُوَ الأَصْلُ) أي: أصلُ الأَدِلَّةِ كلِّها، قال اللهُ تَعالى: {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ الْكِتَابَ تِبْيَانًا لِكُلِّ شَيْءٍ} (١) ففيه البيانُ لجميعِ الأحكامِ.

(وَ) الثَّاني: (السُّنَّةُ: وَهِيَ مُخْبِرَةٌ (٢) عَنْ حُكْمِ اللهِ) سُبحانَه و (تَعَالَى) لقولِه تعالى: {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى (٣) إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى (٤)} (٣).

(وَ) الثَّالثُ: (الإِجْمَاعُ، وَهُوَ مُسْتَنِدٌ إِلَيْهِمَا) أي: إلى الكتابِ والسُّنَّةِ.

قالَ في «شرحِ الأصلِ»: وإلى القياسِ؛ لأنَّ أصلَه: إمَّا الكتابُ، أو السُّنَّةُ، ويَأتي: أنَّ الإجماعَ لا يكُونُ إلَّا عن مستنَدٍ، وأنَّه يَكُونُ عن قياسٍ واجتهادٍ (٤).

فائدةٌ: المُرادُ بالإجماعِ: اتِّفاقُ الأئمَّةِ الأربعةِ، ومَن نَحَا نَحوَهم، ولا اعتبارَ بخلافِ مَن لا يُعتَدُّ بقولِه، كالنَّظَّامِ (٥) في مخالفتِه في الإجماعِ على اختلافِ النَّقلِ عنه هل مَذهبُه: أنَّ الإجماعَ لا يُتَصَوَّرُ، أو يُتَصَوَّرُ ولكنْ يَتَعَذَّرُ نَقلُه على وجهِه، أو لا يَتَعَذَّرُ ولكنْ لا حُجَّةَ فيه، وهذا الثَّالثُ هو المُحَقَّقُ عنه.


(١) النَّحل: ٨٩.
(٢) في (ع): المخبرة.
(٣) النَّجم.
(٤) «التحبير شرح التحرير» (٣/ ١٢٣٣).
(٥) هو: إبراهيمُ بنُ سَيَّارٍ أبو إسحاقَ النَّظَّامُ البَصْرِيُّ المُتكلِّم المُعْتزليُّ. ترجمتُه في «تاريخُ الإسلامِ» (٥/ ٧٣٥).

<<  <   >  >>