للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

(بَابٌ)

(المُجْمَلُ لُغَةً) مِن الجَمْلِ، ومنه قولُه -صلى الله عليه وسلم- عنِ اليهودِ: «جَمَلُوهَا» (١) أي: خَلَطُوها، ومنه العَلمُ الإجماليُّ لاختلاطِ المعلومِ بالمجهولِ، وهنا سُمِّيَ مُجملًا؛ لاختلاطِ المُرادِ بغيرِه.

ومِن معاني المُجملِ اللُّغويَّةِ (المَجْمُوعُ) مِن أَجْمَلْتُ الحسابَ جَمَعْتُه، وقِيلَ: (أَوِ المُبْهَمُ) من أَجْمَلَ الأمرَ أي: أبْهَمَه، (أَوِ المُحَصَّلُ) مِن أَجْمَلَ الشَّيءَ: حَصَّلَه.

(وَ) المُجمَلُ (اصْطِلَاحًا) أي: عندَ علماءِ هذا الفنِّ: هو (مَا) أي: قولٌ أو فعلٌ (تَرَدَّدَ بَيْنَ مُحْتَمَلَيْنِ فَأَكْثَرَ)، احتُرزَ به عمَّا له مَحمَلٌ واحدٌ كالنَّصِّ، وقولُه: (عَلَى السَّوَاءِ) احتِرازٌ عنِ الظَّاهرِ وعنِ الحقيقةِ الَّتي لها مجازٌ، فإنَّ المُجملَ يَتناوَلُ القولَ والفعلَ والمُشتَركَ والمُتواطئَ.

(وَحُكْمُهُ) أي: المُجملِ (التَّوَقُّفُ عَلَى البَيَانِ الخَارِجِيِّ) أي: لا يَجُوزُ العملُ بأحدِ مُتحمَّلَاتِه إلَّا بدليلٍ خارجٍ عن لفظِه؛ لعدمِ دَلالةِ لفظِه على المُرادِ به وامتناعِ التَّكليفِ بما لا دليلَ عليه.

(وَهُوَ) أي: الإجمالُ (فِي الكِتَابِ) العَزِيزِ (وَالسُّنَّةِ) أي: كلامِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- في الأصحِّ، والمُخالفُ في ذلك داودُ الظَّاهرِيُّ، والحُجَّةُ عليه مِن الكتابِ والسُّنَّةِ بما لا يُحصى ولا يُعَدّ، وإنكارُه مكابرةٌ. قال (٢):


(١) رواه البخاري (٢٢٢٣)، ومسلم (١٥٨٢) من حديث ابن عباس -رضي الله عنهما- قال -صلى الله عليه وسلم-: «قَاتَلَ اللَّهُ اليَهُودَ حُرِّمَتْ عَلَيْهِمُ الشُّحُومُ، فَجَمَلُوهَا فَبَاعُوهَا».
(٢) أي: داود الظاهري. ينظر: «التحبير شرح التحرير» (٢٧٥٣).

<<  <   >  >>