للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(فَصْلٌ)

(القِرَان) مِن جهةِ الشَّارِعِ (بَيْنَ شَيْئَيْنِ لَفْظًا لَا يَقْتَضِي) ذلك القِرانُ (تَسْوِيَةً بَيْنَهُمَا) أي: بينَ الشَّيئينِ المَذكورينِ (حُكْمًا فِي غَيْرِ) الحُكْمِ (المَذْكُورِ، إِلَّا بِدَلِيلٍ) مِن خارجٍ عندَ أكثرِ أصحابِنا وغيرِهم، وذلك مِثْلُ قولِه -صلى الله عليه وسلم-: «لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي المَاءِ الدَّائِمِ ولا يَغْتَسِلْ فِيهِ مِنَ جَنَابَةٍ» (١)، فلا يَلْزَمُ مِن تنجيسِه بالبولِ تَنجيسُه بالاغتسالِ، ومِن الدَّليل أيضًا: قولُه تعالى: {كُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَآتُوا حَقَّهُ يَوْمَ حَصَادِهِ} (٢)، فعَطَفَ واجبًا على مباحٍ؛ لأنَّ الأصلَ عدمُ الشَّرِكَةِ ودليلِها (٣)، وقد أَجمَعُوا على أنَّ اللَّفظينِ العامَّينِ إذا عُطِفَ أحدُهما على الآخَرِ وخُصَّ أحدُهما لا يَقتضي تخصيصَ الآخَرِ.

(وَلَا يَلْزَمُ مِنْ إِضْمَارِ شَيْءٍ فِي مَعْطُوفٍ) على شيءٍ (أَنْ يُضْمَرَ) ذلك الشَّيْءُ (فِي مَعْطُوفٍ عَلَيْهِ).

مثالُه: قولُه -صلى الله عليه وسلم-: «لَا يُقْتَلُ مُؤْمِنٌ بِكَافِرٍ، ولا ذُو عَهْدٍ فِي عَهْدِهِ» (٤) فأصحابُنا وغيرُهم يُقَدِّرون في الجملةِ الثَّانيةِ خاصًّا، فيَقولون: ولا ذو عهدٍ [في عهدِه] (٥) بحَربيٍّ؛ لأنَّ التَّقديرَ إِنَّمَا هو بما تَنْدَفِعُ به الحاجةُ بلا زيادةٍ، وفي التَّقديرِ بحَربيٍّ كفايةٌ، ولا يَضُرُّ تخالُفُه مع المعطوفِ عليه في ذلك؛ إذْ لا يُشتَرَطُ إلَّا اشتِراكُهما في أصلِ الحُكْمِ، وهو هنا مَنْعُ القتلِ بما يُذكَرُ، أو


(١) رواه البخاري (٢٣٩)، ومسلم (٢٨٢) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
(٢) أي: وعدم دليلها.
(٣) في (د): بعهده.
(٤) رواه أبو داود (٤٥٣٠)، والنسائي (٤٧٣٤) من حديث عليٍّ -رضي الله عنه-، وصححه الألباني في «إرواء الغليل» (٢٢٠٩).
والحديث رواه البخاري (١١١) مختصرًا: «ولا يُقْتَلُ مُسْلِمٌ بِكَافِرٍ».
(٥) في (د): بعهده.

<<  <   >  >>