للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

بما يَقُومُ الدَّليلُ عليه، لا في كلِّ الأحوالِ، وهو قولُه تعالى: {وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ} (١) فإنَّه مُختَصٌّ بالرَّجعيَّاتِ، وإنْ تَقَدَّمَ المُطلَّقاتُ بالعُمومِ.

وأمَّا الحنفيَّةُ ومَن تابَعَهم، والقاضي أبو يَعلى فيُقَدِّرُون تَتْمِيمًا للجملةِ الثَّانيةِ لفظًا عامًّا تسويةً بينَ المعطوفِ والمعطوفِ عليه في مُتَعَلَّقِه فيَكُونُ على حدِّ قولِه تعالى: {آمَنَ الرَّسُولُ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مِنْ رَبِّهِ وَالْمُؤْمِنُونَ} (٢) فيُقَدَّرُ: ولا ذو عهدٍ في عهدِه بكافرٍ؛ إذْ لو قُدِّرَ خاصًّا وهو: ولا ذو عهدٍ في عهدِه بحربيٍّ؛ لَزِمَ التَّخالُفُ بينَ المُتعاطفَينِ، وأنْ يَكُونَ تقديرًا بلا دليلٍ، بخلافِ ما لو قُدِّرَ عامًّا، فإنَّ الدَّليلَ عليه مِن المُصَرَّحِ به في الجملةِ الَّتي قَبْلَها، وحينئذٍ فيُخَصَّصُ العُمومُ في الثَّانيةِ بالحَربيِّ، بدليلٍ آخَرَ [وهو الاتِّفاقُ على أنَّ المُعاهَدَ لا يُقتَلُ بالحَربيِّ] (٣) ويُقتَلُ بالمُعاهَدِ والذِّمِّيِّ.

قالوا: وإذا تَقَرَّرَ هذا وَجَبَ أنْ يُخَصَّصَ العامُّ المذكورُ أوَّلًا ليَتَسَاوَيَا، فيَصيرُ لا يُقتَلُ مسلمٌ بكافرٍ ولا ذو عهدٍ في عهدِه بكافرٍ حربيٍّ.

تنبيهٌ: ترجمةُ هذه المسألةِ (٤) الَّتي في المَتنِ تَبِعَ فيها صاحبَ «الأصلِ»، وأبا الخَطَّابِ (٥)، وتَرجَمَها ابنُ قاضي الجبلِ (٦) وغيرُه بقولِه: عَطفُ الخاصِّ على العامِّ لا يَقتضي تخصيصَ المعطوفِ عليه، ومَثَّلَ الفريقانِ بالحديثِ المتقدِّمِ، والخلافُ في هذه المسألةِ مشهورٌ بينَ العلماءِ مع الاتِّفاقِ على أنَّ النَّكرةَ في سياقِ النَّفيِ للعُمومِ.

ولَمَّا أَنْهى الكلامَ في العُمومِ وصِيَغِه شَرَعَ في مقابِلِه، وهو الخصوصُ، فقال:


(١) البقرة: ٢٢٨.
(٢) البقرة: ٢٨٥.
(٣) ليس في «د».
(٤) ليست في «د».
(٥) «التمهيد في أصول الفقه» (٢/ ١٧٢).
(٦) ينظر: «التحبير شرح التحرير» (٥/ ٢٤٥١).

<<  <   >  >>