للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

نقليَّتَينِ لعدمِ تَكرارِ الحدِّ الأوسطِ فيهما، وإنَّما هو مُرَكَّبٌ مِن مقدِّمةٍ نقليَّةٍ وهي الاستثناءُ، وهو إخراجُ بعضِ ما تَنَاوَلَه اللَّفظُ، ومُقَدِّمَةٍ عقليَّةٍ لازمةٍ لمُقدِّمةٍ أُخرى نقليَّةٍ، وهي أنَّ كلَّ ما دَخَلَه الاستثناءُ عامٌّ؛ لأنَّه لو لم يَكُنْ عامًّا لم يَدخُلِ الاستثناءُ فيه، ثمَّ جُعِلَتْ هذه القضيَّةُ كبْرى للمُقدِّمةِ الأُخرى النَّقليَّةِ، فصارَ صورةُ الدَّليلِ هكذا: الجمعُ المُحَلَّى بـ «الـ» يَدخُلُه الاستثناءُ، وكلُّ ما يَدخُلُه الاستثناءُ عامٌّ، يَنْتُجُ: أنَّ المُحَلَّى بـ «الـ» عامٌّ.

(وَزِيدَ) لمعرفةِ اللُّغةِ طريقٌ ثالثٌ: (وَ) هو (القَرَائِنُ) فإنَّ الرَّجلَ إذا سَمِعَ وُحْدانًا في قولِ الشَّاعرِ (١):

قَوْمٌ إِذَا الشَّرُّ أَبْدَى نَاجِذَيْهِ لَهُمْ

طَارُوا إِلَيْهِ زَرَافَاتٍ وَوُحْدَانَا

عَلِمَ أنَّ «زَرافاتٍ» بمَعنى: جماعاتٍ.

(وَالأَدِلَّةُ النَّقْلِيَّةُ قَدْ تُفِيدُ اليَقِينَ) فتُفيدُ القطعَ بالمُرادِ، واختارَ الآمِدِيُّ والرَّازيُّ: أنَّها قد تُفيدُ إذا انْضَمَّ إليها تواترٌ أو غيرُه مِن القَرائنِ الحاليَّةِ، ولا عِبْرةَ بالاحتمالِ، فإنَّه إذا لم يَنْشَأْ عن دليلٍ لم يُعتَبَرْ، وإلَّا لم يُوثَقْ بمحسوسٍ.

قالَ الكُورَانِيُّ: الأَدِلَّةُ اللَّفظيَّةُ النَّقليَّةُ بدونِ (٢) قرينةٍ لا تُفيدُ القطعَ بالحُكْمِ، لاحتمالِ مجازٍ أو اشتِراكٍ وغيرِ ذلك مِمَّا يُخِلُّ بالتَّفاهُمِ، وأمَّا مع انضمامِ قرينةٍ قطعيَّةٍ كالتَّواتُرِ، على أنَّ المُرادَ (٣) ذلك قطعًا، ولذلك لا


(١) من البسيطِ، وهو لقُرَيْطِ بنِ أُنَيْفٍ من شعراءِ الحماسةِ. ينظر: «شرح الشَّواهدِ الكُبرى» لبدرِ الدِّينِ العينيِّ (٣/ ١٠٥٩).
(٢) في (د): بغير. والمثبت من (ع)، و «الدُّرَر اللَّوامِع».
(٣) زادَ في «الدُّرَر اللَّوامِع»: باللَّفظِ الفلانِيِّ في الموردِ الفلانِيِّ كذا، أو انعقدَ الإجماعُ على ذلك، فإنَّه يُفيدُ كَوْنَ المرادِ.

<<  <   >  >>