للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

واتَّفقوا على أنَّه لا يَجوزُ أن يُطلَقَ عليه اسمٌ وَلَا صفةٌ تُوجِبُ نَقْصًا، ولو وَرَدَ ذلك نصًّا، فلا يُقالُ: ماهدٌ، وَلَا زارعٌ، وَلَا فالقٌ، وإنْ ثَبَتَ في قولِه: {فَنِعْمَ الْمَاهِدُونَ} (١)، {أَمْ نَحْنُ الزَّارِعُونَ} (٢)، {فَالِقُ الْحَبِّ وَالنَّوَى} (٣) ونحوِها.

(وَطَرِيقُ مَعْرِفَةِ اللُّغَةِ) قسمانِ:

أحدُهما: (النَّقْلُ) وهو نوعانِ:

(١) (تَوَاتُرًا فِيمَا لَا يَقْبَلُ تَشْكِيكًا) كالسَّماءِ، والأرضِ، والجبالِ، ونحوِها.

ولغاتُ القُرآنِ والأحاديثِ مِن هذا النَّوعِ.

(وَ) الثَّاني: النَّقلُ (آحَادًا فِي غَيْرِهِ) أي: غيرِ ما لا يَقبَلُ تشكيكًا، وهو أكثرُ اللُّغةِ، فيُتَمَسَّكُ به في المسائلِ الظَّنِّيَّةِ دونَ القطعيَّةِ.

(وَ) القِسْمُ الثَّاني: (المُرَكَّبُ مِنْهُ) أي: مِن النَّقلِ (وَمِنَ العَقْلِ) وهو استنباطُ العَقلِ مِن النَّقلِ.

مثالُه: كَوْنُ الجمعِ المُعَرَّفِ بـ «أل» للعمومِ، فإنَّه مُستفادٌ مِن مُقدِّمَتينِ نَقليَّتَينِ حَكَمَ العقلُ بواسطتِهما:

إحداهما: أنَّه يَدخُلُه الاستثناءُ.

والثَّانيةُ: أنَّ الاستثناءَ: إخراجُ ما تَناوَلَه اللَّفظُ.

فحُكْمُ العَقلِ عندَ وجودِ هاتينِ المُقدِّمتَينِ بأنَّه للعمومِ، ولا اعتبارَ بما يُخالِفُ ذلك ممَّن يَقُولُ: إذا كانَتِ المُقدِّمتانِ نَقليَّتَينِ كانَتِ النَّتيجةُ أيضًا نقليَّةً، وإنَّما العَقلُ تَفَطَّنَ لنتيجتِها؛ لأنَّا نَقُولُ: لَيْسَ هذا الدَّليلُ مركبًا مِن


(١) الذَّاريات: ٤٨.
(٢) الواقعة: ٦٤.
(٣) الأنعام: ٩٥.

<<  <   >  >>