للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(فَصْلٌ)

(مَبْدَأُ اللُّغَاتِ تَوْقِيفٌ مِنَ اللهِ تَعَالَى، بِإِلْهَامٍ، أَوْ وَحْيٍ، أَوْ كَلَامٍ) واستدلَّ بقولِه تَعالى: {وَعَلَّمَ آدَمَ الْأَسْمَاءَ} (١) أي: إنَّ اللهَ تَعالى أَلْهَمَه وَضعَها، فعَبَّروا عنْ وَضْعِه بالتَّوقيفِ لإدراكِ الوضعِ، والأصلُ: اتِّحادُ العِلْمِ وعدمُ اصطلاحٍ سابقٍ، وحقيقةُ اللَّفظِ، وقد أكَّدَه بـ «كُلَّها».

(وَيَجُوزُ تَسْمِيَةُ الشَّيْءِ بِغَيْرِ تَوْقِيفٍ مَا لَمْ يُحَرِّمْهُ اللهُ تَعَالَى، فَيَبْقَى لَهُ اسْمَانِ): توقيفيٌّ، واصطلاحيٌّ.

قالَ القاضي أبو يَعلى: يَجُوزُ أن تُسَمَّى الأشياءُ بغيرِ الأسماءِ الَّتي وَضَعَها اللهُ تَعالى عَلَمًا لها إذا لم يَقَعْ حَظْرٌ (٢).

(وَأَسْمَاؤُهُ) الحُسنى سُبحانَه و (تَعَالَى تَوْقِيفِيَّةٌ) بمعنى أنَّه لا يَجُوزُ لأحدٍ أنْ يَشْتَقَّ مِن الأفعالِ الثَّابتةِ للهِ تَعالى أسماءً، إلَّا إذا وَرَدَ نصٌّ في الكتابِ أوِ السُّنَّةِ، و (لَا تَثْبُتُ) أسماءُ اللهِ تَعالى ولا شيءٌ مِنها (بِقِيَاسٍ).

قالَ القاضي أبو بكرٍ والغَزَّالِيُّ: الأسماءُ توقيفيَّةٌ دونَ الصِّفاتِ.

قال الحافظُ ابنُ حجرٍ: وهذا المُختارُ (٣).

واحتجَّ الغَزَّاليُّ بالاتِّفاقِ على أنَّه لا يَجُوزُ أنْ يُسَمَّى رسولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- باسمٍ لم يُسَمِّه به أبوه، ولا يُسَمِّي به نَفْسَه، وكذا كلُّ كبيرٍ مِن الخلْقِ.

قال: فإذا امْتَنَعَ في حقِّ المخلوقينَ فامتناعُه في حقِّ اللهِ تَعالى أَوْلى.


(١) البقرة: ٣١.
(٢) «العدة في أصول الفقه» (١/ ١٩١).
(٣) «فتح الباري» (١١/ ٢٢٣) نقلًا عن الباقلاني.

<<  <   >  >>