للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(٢) (وَ) لا يُشتَرَطُ أيضًا ذِكْرُ سَبَبِ (تَصْحِيحٍ) فإذا أَطْلَقَ تصحيحَ الخبَرِ بأنْ يَقُولَ: هذا الخبَرُ صحيحٌ، فهو كالتَّعديلِ المُطلَقِ، فإنَّ إطلاقَ تصحيحِه يَستلزمُ تعديلَ رُواتِه، فتَلَخَّصَ أنَّ الجَرحَ والتَّضعيفَ لا بدَّ فيهما مِن ذِكْرِ السَّببِ، وأمَّا التَّعديلُ والتَّصحيحُ فلا يُشتَرَطُ ذِكْرُ سَبَبِهما، بل يَكْفي إطلاقُهما.

(وَيَكْفِي فِيهِنَّ) أي: في مَسائِلِ الجَرحِ والتَّعديلِ والتَّضعيفِ والتَّصحيحِ واحدٌ عندَ الأكثرِ، فيَكفي جَرحُ واحدٍ وتعديلُه، كما يَكفي تصحيحُه وتضعيفُه؛ لأنَّ الشَّرطَ لا يَزيدُ على مَشروطِه، فتَعديلُ الرَّاوي تَبَعٌ للرِّوايةِ وفَرعٌ لها؛ لأنَّه إِنَّمَا يُراد لأجلِها، والرِّوايةُ لا يُعتبَرُ فيها العددُ، بل يَكفي فيها راوٍ واحدٌ وتعديلُه، فكذا ما هو تَبَعٌ وفرعٌ لها، فلو قُلْنا: «تكفي روايةُ الواحدِ، ولا يَكفي في تعديلِه إلَّا اثنانِ» لزادَ الفرعُ على أصلِه، وزيادةُ الفُروعِ على أُصُولِها غيرُ معهودةٍ عقلًا ولا شرعًا.

(وَ) يَكفي في (تَعْرِيفِ) مَجهولٍ: (وَاحِدٌ) عدلٌ في الأصحِّ، وتَقَدَّمَ، ويُشتَرَطُ في ذلك الواحدِ أنْ يَكُونَ (ليسَ مِنْ عَادَتِهِ تَسَاهُلٌ) في التَّعديلِ، (أَوْ مُبَالَغَةٌ) في الجَرحِ، فلا أثَرَ لمَن عادتُه التَّساهُلُ في التَّعديلِ، أو المُبالغةُ: فيَجرَحُ بلا سببٍ شرعيٍّ، أو يُعطِيه فوقَ حقِّه، وهذا غيرُ جائزٍ.

(وَمَنِ اشْتَبَهَ اسْمُهُ) مِنَ الثِّقاتِ (بـ) اسمِ (مَجْرُوحٍ: وُقِفَ خَبَرُهُ) الَّذِي وَقَعَ فيه الاشتباهُ حَتَّى يُتَحَقَّقَ أَمْرُه، وذلك لاحتمالِ أنْ يَكُونَ الرَّاوي ذلك المجروحُ؛ فلا تُقبَلُ روايتُه، بل يُتَوَقَّفُ حَتَّى يُعلَمَ هل هو المجروحُ أو غيرُه، وكثيرٌ ما يَفعلُ المُدلِّسونَ مِثْلَ هذا؛ يَذكُرون الرَّاويَ الضَّعيفَ باسمٍ يُشارِكُه فيه راوٍ عدلٌ؛ ليُظَنَّ أنَّه ذلك العدلُ تَرويجًا لروايتِهم.

<<  <   >  >>