للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(وَلَا شَيْءَ لِجَرْحٍ: بِاسْتِقْرَاءٍ) يَعني بأنْ يَقُولَ تَتَبَّعْنا كذا، فوَجَدْناه كذا مِرارًا كثيرةً لم يَنْخَرِمْ، فلو قيلَ: مَن وَجَدْناه يَفعَلُ كذا فهو مجروحٌ، واسْتَقْرَيْنا ذلك في أشخاصٍ كثيرةٍ، فوَجَدْناه كذلك، فهذا ليسَ بجَرحٍ، وليسَ مِن طُرُقِ الجَرحِ حَتَّى يُحكَمَ به.

(وَلَهُ) أي: للجَارِحِ (جَرْحُ) الرَّاوي (بِاسْتِفَاضَةٍ) على الصَّحيحِ، فإذا شَاعَ عن مُحَدِّثٍ أنَّ فيه صِفةً تُوجِبُ رَدَّ الحديثِ، وجَرَحَه (١) بها: جازَ الجَرحُ بها، كما تَجُوزُ الشَّهادةُ بالاستفاضةِ في مسائلَ مخصوصةٍ معلومةٍ ذَكرَها الفقهاءُ في كُتُبِهم، فكذلك هذا.

و (لَا) تَجُوزُ (تَزْكِيَةُ) مَن شاعَتْ عَدالَتُه بمُجَرَّدِ الاستفاضةِ، قَدَّمَه ابنُ مُفْلِحٍ (٢) وغيرُه.

(وقيلَ: بَلَى).

قالَ بعضُ أصحابِنا: تَجُوزُ التَّزكيةُ بالاستفاضةِ. واحتجَّ لذلك كثيرٌ مِن العلماءِ: (إِذَا شَاعَتْ عَدَالَتُهُ)، وأمانَتُه، (كَأَحَدِ الأَئِمَّةِ) فإنَّه يُزَكَّى بالاستفاضةِ بلا نِزاعٍ (وَجَعَلَهُ) أي: جَعَلَ هذا القولَ الثَّانيَ (٣) القاضي علاءُ الدِّينِ المَرْدَاوِيُّ (المَذْهَبَ فِي أَصْلِهِ) أي: أصلِ هذا الكتابِ وهو «التَّحريرُ»، قال فيه: قُلْتُ: وهذا المذهبُ وهو مَعنى قولِ الإمامِ أحمدَ وجماعةٍ مِن العلماءِ (٤). انتهى.


(١) في (د): ورجحه.
(٢) «أصول الفقه» (٢/ ٥٥١).
(٣) ليست في «د».
(٤) «تحرير المنقول وتهذيب علم الأصول» (ص ١٧٢).

<<  <   >  >>