الثَّاني: أنَّ مَعنى الإجزاءِ عَدَمِيٌّ، ومَعنى الصِّحَّةِ وُجوديٌّ؛ وذلك أنَّ العِبادةَ المأتيَّ بها على وجهِ الشَّرعِ لازِمُها وصفانِ:
- وُجوديٌّ: وهو موافقةُ الشَّرعِ، وهذا هو الصِّحَّةُ.
- والآخَرُ عَدَمِيٌّ: وهو سُقُوطُ التَّعبُّدِ به، أو سُقوطُ القضاءِ على الخلافِ فيه، وهذا هو الإجزاءُ.
(وَ) الإجزاءُ (يَخْتَصُّ بِهَا) أي: بالعِبادةِ، سواءٌ كانَتْ واجبةً، أو مُستَحَبَّةً، وهذا هو الصَّحيحُ، فيُقالُ: قراءةُ الفاتحةِ فقطْ تُجزِئُ في النَّافلةِ، كما يُقالُ ذلك في الواجبِ، ولا يُقالُ لغيرِ العِبادةِ، فلا يُقالُ في المُعاملاتِ: تُجزِئُ، بل مَوْرِدُها العِبادةُ فقط، بخلافِ الصِّحَّةِ.
(وَكَصِحَّةٍ: قَبُولٌ) فهما مُتلازمانِ، فإذا انْتَفَى أحدُهما انتفى الآخَرُ، وإذا وُجِدَ أحدُهما وُجِدَ الآخَرُ، وَقِيلَ: إنَّ الصِّحَّةَ تَنْفَكُّ عنِ القَبولِ؛ لأنَّ القَبولَ أخصُّ مِنَ الصِّحَّةِ؛ إذ كُلُّ مقبولٍ صحيحٌ، وليس كلُّ صحيحٍ مقبولًا، لكنْ قد أتى نفيُ القبولِ في الشَّرعِ تارةً بمَعنى نفيِ الصِّحَّةِ، كما في حديثِ:«لَا يَقْبَلُ اللهُ صَلَاةً بِغَيْرِ طَهُورٍ، وَلَا صَدَقةً مِنْ غُلُولٍ»(١)، وتارةً بمَعنى نفيِ