للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

إذا عَرَفْتَ ذلك، فلا يُشتَرَطُ الإسلامُ ولا العدالةُ، (وَلَوْ طَالَ الزَّمَنُ) بينَ وُقُوعِ المُخبَرِ به وبينَ الخبَرِ.

(٢) (وَلَا) يُشتَرَطُ أيضًا (ألَّا يَحْوِيَهُمْ) أي: أهلَ التَّواتُرِ (بَلَدٌ، وَلَا) ألَّا (يُحْصِيَهُمْ عَدَدٌ)؛ لأنَّ أهلَ الجامعِ لو أَخبَرُوا عن سقوطِ المُؤَذِّنِ عنِ المَنارةِ، أو الخطيبِ عنِ المِنْبَرِ، لكانَ إخبارُهم مُفيدًا للعِلْمِ فضلًا عن أهلِ بلدٍ.

(٣) (وَلَا) يُشتَرَطُ أيضًا في عددِ التَّواتُرِ (اخْتِلَافُ: نَسَبٍ، وَدِينٍ، وَوَطَنٍ) وشَرَطَ قومٌ الاختلافَ في ذلك؛ لتَنْدَفِعَ التُّهمةُ وهو باطلٌ؛ لأنَّ التُّهمةَ لو حَصَلَتْ لم يَحصُلِ العِلمُ سواءٌ كانوا على دينٍ واحدٍ، ومِن نَسَبٍ واحدٍ، في وطنٍ واحدٍ، أو لم يَكُونوا كذلك، وإنِ ارتَفَعَتْ حَصَلَ العلمُ كيف كانوا.

(٤) (وَلَا) يُشتَرَطُ أيضًا في أهلِ التَّواتُرِ (إِخْبَارُهُمْ طَوْعًا) فإنَّ الصِّدقَ لا يَمتنِعُ حصولُ العِلمِ به، وإلَّا فاتَ الشَّرطُ.

(٥) (وَلَا) يُشتَرَطُ أيضًا (ألَّا يَعْتَقِدَ) المُخبِرُ (خِلَافَهُ) أي: خلافَ ما أَخْبَرَ به، بل يَحصُلُ العِلمُ سواءٌ كانَ السَّامعُ يَعتقِدُ نقيضَ المُخبَرِ به، أم لا، فلا يَتَوَقَّفُ العلمُ على ذلك.

(وَمَنَ حَصَلَ بِخَبَرِهِ عِلْمٌ بِوَاقِعَةٍ لِشَخْصٍ: حَصَلَ) العِلْمُ (بِمِثْلِهِ) أي: بمِثْلِ ذلك الخبَرِ (بِغَيْرِهَا) أي: بغيرِ تلك الواقعةِ (لِـ) شخصٍ (آخَرَ).

قالَ ابنُ قاضي الجبلِ: كلُّ عددٍ أفادَ العِلمَ لشخصٍ في واقعةٍ مفيدٌ للعِلمِ لغيرِه في غيرِها، وإطلاقُه باطلٌ؛ إذ قد يَمْتَازُ الشَّخصُ بفَرْطِ ذكائِه في تلك الواقعةِ دونَ غيرِها، لكنْ هو صحيحٌ (مَعَ تَسَاوٍ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ) وهو بعيدٌ عادةً (١).


(١) ينظر: «التحبير شرح التحرير» (٤/ ١٧٩٥).

<<  <   >  >>