للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وخالفَ الشَّيْخُ وَجَمْعٌ في ذلك، قال ابنُ قاضي الجبلِ تَبعًا للقَرَافِيِّ (١): صِيَغُ العمومِ وإنْ كانَتْ عامَّةً في الأشخاصِ، فهي مطلقةٌ في الأزمنةِ والبقاعِ والأحوالِ والمُتعلِّقاتِ، فهذه الأربعُ لا عمومَ فيها مِن جهةِ ثبوتِ العُمومِ في غيرها حَتَّى يُوجَدُ لفظٌ يَقتضي العمومَ، نحوُ: لأَصُومَنَّ الأيَّامَ، ولأُصَلِّيَنَّ في جميعِ البقاعِ، ولا عَصَيْتُ اللهَ في جميعِ الأحوالِ، ولأَشْتَغِلَنَّ بتحصيلِ جميعِ المعلوماتِ، فإذا قال اللهُ تعالى: {فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ} (٢) فهو عامٌّ في جميعِ أفرادِ المشركينَ، مُطْلَقٌ في الأزمنةِ والبقاعِ والأحوالِ والمُتعلِّقاتِ (٣)؛ فيَقتضي النَّصُّ قتلَ كلِّ مشركٍ في زمنٍ ما، في مكانٍ ما، في حالةٍ ما، وقد أَشركَ بشيءٍ ما، ولا يَدُلُّ اللَّفظُ على خصوصِ يومِ السَّبتِ، ولا مدينةٍ مُعَيَّنةٍ مِن مدائنِ المُشركين، ولا أنَّ ذلك المُشْرِكَ طويلٌ أو قصيرٌ، ولا أنَّ شِركَه وَقَعَ بالصَّنمِ أو بالكوكبِ، بل اللَّفظُ مُطلَقٌ في هذه الأربعِ (٤).

ورَدَّه ابنُ دقيقِ العِيدِ وقَالَ: بلِ الواجبُ [أنَّ ما دلَّ على العمومِ] (٥) في الذَّواتِ مثلًا يَكُونُ دالًّا على ثبوتِ الحُكمِ في كلِّ ذاتٍ تَناوَلَها اللَّفظُ، ولا تَخرُجُ عنها ذاتٌ إلَّا بدليلٍ يَخُصُّها، فمَن أَخرَجَ شيئًا مِن تلك الذَّواتِ فقد خالَفَ مُقتضى العُمومِ (٦).


(١) «شرح تنقيح الفصول» (ص ٢٠٠).
(٢) التَّوبة: ٥.
(٣) ليست في (ع).
(٤) ينظر: «التحبير شرح التحرير» (٥/ ٢٣٤٢).
(٥) ليس في (د).
(٦) «إحكام الإحكام شرح عمدة الأحكام» (١/ ٩٨).

<<  <   >  >>