للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

العَدالةِ: فقد خالفوا الإجماعَ، وإنْ أرادوا قُبْحَ المعصيةِ نظرًا (١) إلى كبْريائِه تعالى، وأنَّ مُخالَفَتَه لا تُعَدُّ أمرًا صغيرًا: فنِعْمَ القولُ (٢). انتهى.

إذا عَلِمْتَ ذلك، فإذا تَكَرَّرَتِ الصَّغائرُ تَكَرُّرًا يُخِلُّ الثِّقَةَ بصِدْقِه: قَدَحَتْ، ومُنِعَتِ الرِّوايةُ عن صاحِبِها على الصَّحيحِ؛ لِما روى التِّرمذيُّ مَرفوعًا: «لَا صَغِيرَةَ مع إِصْرَارٍ، ولا كَبِيرَةَ مع اسْتِغْفَارٍ» (٣).

قالَ في: «التَّرغيب» وغيرِه: يَقدَحُ: كثرةُ الصَّغائرِ، وإدمانُ واحدةٍ (٤). انتهى.

فالإدمانُ هنا: أنْ يَتَكَرَّرَ منه تَكرارًا (٥) يُخِلُّ الثِّقةَ بصِدقِه؛ كمُلابَسَةِ الكبيرةِ.

فـ (إِنْ لَمْ تَتَكَرَّرِ) الصَّغائرُ مِن الرَّاوي (تَكَرُّرًا يُخِلُّ الثِّقَةَ بِصِدْقِهِ: لَمْ يَقْدَحْ) فِعْلُها في العدالةِ، ولا في الرِّوايةِ؛ (لِتَكْفِيرِهَا بِاجْتِنَابِ الكَبَائِرِ وَبِمَصَائِبِ الدُّنْيَا) في الأصحِّ، وهو ظاهرُ الآيةِ، ودَلَّ على ذلك السُّنَّةُ.

قالَ الشَّيخُ في «الرَّدّ على الرَّافضيِّ»: ولو لم يَتُبْ مِنه فالصَّغائرُ تُكَفَّرُ باجتنابِ الكبائرِ عندَ جماهيرِ أهلِ السُّنَّةِ، بل وعندَ الأكثرينَ: أنَّ الكبائرَ


(١) في (د): نظروا. والمثبت من (ع)، و «الدُّرر اللَّوامع».
(٢) «الدُّرر اللَّوامع في شرح جمع الجوامع» (٣/ ٨٠).
(٣) لم أَقِفْ عليه في التِّرمذيِّ، والحديثُ رواه ابنُ أبي الدُّنيا في «التَّوبة» (١٧٣)، والقُضاعيُّ في «مسند الشِّهابِ» (٨٥٣) مِن حديثِ ابنِ عبَّاسٍ -رضي الله عنهما-.
قالَ العلَّامةُ المُحَدِّثُ محمَّد عمرو عبد اللَّطيفِ -رحمه الله- في «تَبْيِيض الصَّحيفةِ» (١/ ١٤١): مُنْكَرٌ، رُوِي مِن حديثِ ابنِ عبَّاسٍ وأنسٍ وأبى هُرَيْرَةَ وعائشةَ.
(٤) ينظر: «أصول الفقه» (٢/ ٥٣٥)، و «شرح الكوكب المنير» (٢/ ٢٩٣).
(٥) في (د): تكررًا.

<<  <   >  >>