للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

حُجَّةٌ في الأمورِ الدُّنيويَّةِ اتِّفاقًا؛ كمداواةِ الأمراضِ، والأغذيةِ، والأسفارِ، والمتاجرِ، وغيرِ ذلك، إِنَّمَا النِّزاعُ في كونِه حُجَّةً في الشَّرعيَّاتِ ومستنداتِ المُجتهدينَ (١).

(وَ) القِيَاسُ حُجَّةٌ في (غَيْرِهَا) أي: غيرِ الأمورِ الدُّنيويَّةِ، كالشَّرعيَّاتِ وغيرِها عندَ أكثرِ القائلِ به؛ للأدلَّةِ المتقدِّمةِ.

والقِيَاسُ: قياسُ التَّأصيلِ والتَّعليلِ والتَّمثيلِ، يَجري في كلِّ شيءٍ، وعمدةُ الطِّبِّ مَبناها على القِيَاسِ، وكذلك عامَّةُ أمورِ النَّاسِ مَبناها على القِيَاسِ في الأعيانِ والصِّفاتِ والأفعالِ، ومتى ثَبَتَ أنَّ الأمرَ الفُلانِيَّ مُعلَّلٌ بكذا، ثَبَتَ وُجودُه حيثُ وُجِدَتِ العِلَّةُ، سواءٌ كان عينًا أو صفةً أو حُكمًا أو فِعلًا، ولذلك إذا ثَبَتَ ألَّا فارقَ بينَ هذينِ إلَّا كذا، ولا تأثيرَ له في الأمرِ الفُلانِيِّ.

ثمَّ هو مُنقسمٌ إلى: مقطوعٍ، ومظنونٍ، كالقِيَاسِ في الأحكامِ، ثمَّ أيُّ فرقٍ بينَ القِيَاسِ في خلْقِ اللهِ أو في أمْرِه (٢)، نعمْ، قد يُمنَعُ مِن القِيَاسِ الظَّنِّيِّ حيثُ لا يُحتاجُ إليه في الحقائقِ.

ومِن العُمدةِ في القِيَاسِ: قولُ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- للَّذي أرادَ الانتفاءَ مِن ولدِه لمُخالفةِ لَوْنِه: «لَعَلَّهُ نَزَعَهُ عِرْقٌ» (٣)، وهذا قياسٌ لجوازِ مخالفةِ لونِ الولدِ للوالدِ في إحدى نَوعَيِ الحيوانِ على النَّوعِ الآخَرِ، وقياسٌ في الطَّبيعيَّاتِ؛ لأنَّ الأصلَ لَيْسَ فيه نَسَبٌ حَتَّى يُقاسَ في الأنسابِ.


(١) «المحصول» (٤/ ٥٦٠).
(٢) في «د»: أمر الله.
(٣) رواه البخاري (٥٣٠٥)، ومسلم (١٥٠٠) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.

<<  <   >  >>