للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أقولُ: وهو فهمٌ خاطئٌ، فهذه العلومُ الشَّرعيَّةُ ما هي إلَّا تقريبٌ وتيسيرٌ وتنظيمٌ لِما جاءَ في الكتابِ والسُّنَّةِ النَّبويَّةِ المُطَهَّرةِ، كيف وهذا العِلمُ الشَّريفُ نالَ عنايةً بالغةً مِن أهلِ العِلمِ مِن المذاهبِ الفقهيَّةِ، وتَنَافَسُوا فيه، مِن القديمِ للحديثِ وإلى زمانِنا هذا، حتَّى سُمِّيَ مَن يَشتغلونَ به بالأُصُوليِّين.

قالَ الرَّازيُّ في «تفسيرِه» (٢/ ٣٤٨): وعِلْمُ الفقهِ كلُّه مأخوذٌ مِن القرآنِ، وكذا علمُ أصولِ الفقهِ .. إلخ.

وقالَ الزَّرْكَشِيُّ في «البحر المحيط» (١/ ٤٥٧): وقد تَكَلَّمَ المُفَسِّرون هنا في حقيقةِ النَّسخِ الشَّرعيِّ وأقسامِه، وما اتُّفِقَ عليه منه، وما اختُلِف فيه، وفي جوازِه عقلًا، ووقوعِه شرعًا، وبماذا يُنْسَخُ، وغيرِ ذلك من أحكامِ النَّسخِ ودلائلِ تلك الأحكامِ، وطَوَّلُوا في ذلك، وهذا كلُّه موضوعُه علمُ أصولِ الفقهِ، فيُبْحَثُ في ذلك كلِّه فيه.

وقالَ ابنُ حَمدانَ الحنبليُّ في «صفة المُفتي» (ص: ١٥١): فأمَّا الفقيهُ على الحقيقةِ فهو: مَن له أهليَّةٌ تامَّةٌ، يُمْكِنُه أنْ يَعرِفَ الحُكْمَ بها إذا شاءَ، معَ معرفتِه جملةً كثيرةً عُرفًا مِن أُمَّهاتِ مسائلِ الأحكامِ الشَّرعيَّةِ الفروعيَّةِ العمليَّةِ، بالاجتهادِ والتَّأمُّلِ، وحُضُورِها عندَه .. فلهذا كانَ علمُ أصولِ الفقهِ فَرْضًا على الفقهاءِ.

وقد ذَكَرَ ابنُ عَقِيلٍ: أنَّه فرضُ عينٍ، والمذهبُ: أنَّه فرضُ كفايةٍ، كالفقهِ. اهـ

وقالَ البَزْدَوِيُّ الحنفيُّ في مُقدِّمَةِ «كشف الأسرارِ» (١/ ٣): .. لا سِيَّمَا عِلمُ أصولِ الفقهِ الَّذي هو أَصعَبُها مداركَ، وأدقُّها مسالكَ، وأعمُّها عوائدَ، وأتمُّها فوائدَ، لولاه لبَقِيَتْ لطائفُ علومِ الدِّينِ كامنةَ الآثارِ، ونجومُ سماءِ الفقهِ والحِكمةِ مَطمُوسةَ الأنوارِ، لا تَدخُلُ ميامنُه تحتَ الإحصاءِ، ولا تُدرَكُ محاسنُه بالاستقصاءِ. اهـ

<<  <   >  >>