للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

الأصدقاءُ كلُّهم في الخبَرِ وهو زيدٌ؛ إذْ لو بَقِيَ من أفرادِ العُمومِ ما لم يَدخُلْ في الخبَرِ، لَزِمَ أنْ يَكُونَ المبتدأُ أعمَّ مِن الخبَرِ، وذلك لا يَجُوزُ لا لغةً ولا عقلًا، فلا تَقولُ: الحيوانُ إنسانٌ، ولا الزَّوجُ عشرةٌ، بل أنْ يَكُونَ المبتدأُ أخصَّ أو مساويًا.

والصِّيغةُ الثَّانيةُ: قولُه: «العالِمُ زيدٌ»، إذا جُعِلَتِ اللَّامُ للحقيقةِ أو الاستغراقِ لا للعهدِ، والحُكمُ فيهما كالصِّيغِ الَّتي قَبْلَها، وكذا قولُه: «تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ» (١)؛ لأنَّه مضافٌ إلى ضميرٍ عائدٍ إلى الصَّلَاةِ، وفيها اللَّامُ، وبه احتجَّ أصحابُنا وغيرُهم على تعيينِ لفظيِ التَّكبيرِ والتَّسليمِ بقولِه -صلى الله عليه وسلم-: «تَحْرِيمُهَا التَّكْبِيرُ وَتَحْلِيلُهَا التَّسْلِيمُ» (٢)، والتَّعيينُ مستفادٌ مِن الحصرِ المدلولِ عليه بالمبتدأِ والخبرِ، فإنَّ التَّحريمَ مُنحصِرٌ في التَّكبيرِ كانحصارِ زيدٍ في صداقتِك إذا قُلْتَ: «صديقي (٣) زيدٌ»، أمَّا إذا كانَ الخبَرُ نكرةً، نحوُ: «زيدٌ قائمٌ»، فالأصحُّ أنَّها لا تُفيدُ الحصرَ كما في الحديثِ: «الصِّيَامُ جُنَّةٌ» (٤)، [فإنَّه لا يَمنَعُ أنَّ غيرَه أيضًا جُنَّةٌ] (٥)، ولهذا جاءَ: «فَلْيَتَّقِ النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَةٍ» (٦).


(١) رواه أبو داود (٦١)، والترمذي (٣)، وابن ماجه (٢٧٥) من حديث علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-. وقال الترمذي: هذا الحديث أصح شيء في هذا الباب وأحسن.
(٢) رواه أبو داود (٦١)، والترمذي (٣)، وابن ماجه (٢٧٥) من حديث علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-. وقال الترمذي: هذا الحديث أصح شيء في هذا الباب وأحسن.
(٣) ليس في «ع».
(٤) رواه البخاري (١٨٩٤)، ومسلم (١١٥١) من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه-.
(٥) ليس في «د».
(٦) رواه البخاري (١٤١٣)، ومسلم (١٠١٦) من حديث عدي بن حاتم -رضي الله عنه-.

<<  <   >  >>