للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(وَإِنْ قالَ) المستدلُّ: (أَنَا أَحْمِلُهَا) أي: صورةَ النَّقضِ (عَلَى مُقْتَضَى القِيَاسِ وَأَقُولُ فِيهَا كَمَسْأَلَةِ الخِلَافِ؛ مُنِعَ) في الأظهرِ لإثباتِ مذهبِه بالقِيَاسِ، (إِلَّا إِنْ نَقَلَ) المستدلُّ (عَنْ إِمَامِهِ أَنَّهُ عَلَّلَ بِهَا) أي: بصورةِ النَّقضِ (فَيُجْرِيهَا) على حُكمِ تعليلِ إمامِه.

(وَإِنْ فَسَّرَ المُسْتَدِلُّ لَفْظَهُ بـ) معنًى (دَافِعٍ لِلنَّقْضِ غَيْرِ ظَاهِرِهِ) أي: هو خلافُ ظاهرِ لَفظِه (كَـ) تفسيرِ لفظٍ (عَامٍّ بِـ) مَعنًى (خَاصٍّ) ونحوِه ممَّا هو بعيدٌ عن اللَّفظِ، لكنَّه مُحتملٌ؛ (لَمْ يُقْبَلْ) في الأصحِّ؛ لأنَّه يَزيدُ وَصفًا لم يَكُنْ، وذِكْرُه للعلَّةِ وقتَ حاجتِه، فلا يُؤَخَّرُ عنه بخلافِ تأخيرِ الشَّارِعِ البيانَ عن وقتِ خطابِه.

(وَلَوْ أَجَابَ) المُستدلُّ (بِتَسْوِيَةٍ بَيْنَ أَصْلٍ وَفَرْعٍ لـ) أجلِ (دَفْعِهِ) أي: النَّقضِ (قُبِلَ) عندَ أكثرِ أصحابِنا؛ لأنَّ الطَّردَ لَيْسَ شرطًا للعلَّةِ إذنْ.

مِثالُه: في المسحِ على العمامةِ عضوٌ يَسقُطُ في التَّيمُّمِ فمَسَحَ حائلَه كالقَدَمِ، فيَنتقضُ بالرَّأسِ في الطَّهارةِ الكُبْرى، فيُجِيبُه: يَستوي فيها الأصلُ والفرعُ.

(وَلَا يُلْزَمُ) المُستدلُّ (بِمَا) أي: لَيْسَ للمعترضِ أنْ يُلْزِمَ المُستدلَّ بشيءٍ (لَا يَقُولُ بِهِ) أي: لا يَعتقِدُ صِحَّتَه (المُعْتَرِضُ؛ كَمَفْهُومٍ وَقِيَاسٍ وَقَوْلِ صَحَابِيٍّ) لأنَّ المُعتَرضَ احتجَّ وأَثْبَتَ الحُكمَ بلا دليلٍ، ولاتِّفاقِهما على تَركِه؛ لأنَّ أَحَدَهما لا يَراه دليلًا والآخَرَ لَمَّا خالَفَه دَلَّ على دليلٍ أقوى منه.

(إِلَّا النَّقْضَ وَالكَسْرَ عَلَى قَوْلِ مَنِ التَزَمَهُمَا) لأنَّ النَّاقضَ لم يَحتجَّ بالنَّقضِ، ولا أَثْبَتَ الحُكمَ به، ولاتِّفاقهما على فسادِ العِلَّةِ على أصلِ المُستدلِّ بصورةِ الإلزامِ وعلى أصلِ المُعتَرضِ بمَحَلِّ النِّزاعِ، ذَكَرَه أصحابُنا وغيرُهم.

<<  <   >  >>