للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

لَهَا) لخفائِها، كالرِّضى في البيعِ، ولذلك أُنِيطَتْ صِحَّةُ البيعِ بالصِّيغِ (١) الدَّالَّةِ عليه، ولعدمِ انضباطِها كالمَشقَّةِ، ولذلك أُنِيطَتْ بالسَّفرِ، ووجهه ردُّ الشَّارِعِ في ذلك إلى المَضارِّ الظَّاهرةِ دفعًا للعُسرِ واختلافِ الأحكامِ، ولهذا لم يُرَخَّصْ للحَمَّالِ ونحوِه للمَشَقَّةِ؛ ولأنَّه يَكُونُ الوصفُ الظَّاهرُ المُنضبطُ عديمَ التَّأثيرِ استغناءً بأصلِ الحِكمةِ، ولأنَّ فيه حرجًا بالبحثِ عنها، فتَنْتَفِي بقولِه تَعالى: {مَا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} (٢).

(وَيُعَلَّلُ ثُبُوتِيٌّ) أي: يَصِحُّ تعليلُ حُكمٍ ثُبُوتِيٍّ (بِعَدَمٍ) على الصَّحيحِ، واستُدلَّ له بأنَّه كنصِّ الشَّارِعِ عليه، وكالأحكامِ يَكُونُ نفيًا، وكالعلَّةِ اللَّفظيَّةِ معَ أنَّها مُوجبةٌ، وكتعليلِ العَدمِ به، نحوُ: «لم أُسَلِّمْ على فلانٍ لعدمِ رُؤيتِه»؛ لأنَّ نفيَ الحُكمِ لنفيِ مُقتضيه أكثرُ مِن نفيِه لوجودِ مُنافيِه؛ ولأنَّه يَصِحُّ تعليلُ ضربِه لعبدِه بعدمِ امتثالِه، ولأنَّ العِلَّةَ أمارةٌ، فالعَدميَّةُ تُعرِّفُ الحُكمَ كالوجوديَّةِ.


(١) في «د»: بالصيغة.
(٢) الحج: ٧٨.

<<  <   >  >>