للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(فَـ) الأوَّلُ: (السَّنَدُ) ويَقَعُ التَّرجيحُ بحَسَبِه في أربعةِ فصولٍ: في الرَّاوي، وفي الرِّوايةِ، وفي المرويِّ، وفي المرويِّ عنه. فالرَّاوي يَكُونُ في نَفْسِه وفي التَّزكيةِ، فـ (يُرَجَّحُ) في نَفْسِه (بِالأَكْثَرِ رُوَاةً) عندَ الجمهورِ، بأنْ يَكُونَ رواةُ أحدِهما أكثرَ عَددًا مِن رواةِ الآخرِ، فيُقَدَّمُ لقوَّةِ الظَّنِّ؛ لأنَّ العددَ الأكثرَ أبعدُ مِن الخطأِ مِن العددِ الأقلِّ؛ [لأنَّ كلَّ واحدٍ يُفيدُ ظنًّا، فإذا انضمَّ إلى غيرِه قويٌّ] (١) حَتَّى يَنتهيَ إلى التَّواترِ المفيدِ لليقينِ، ورَجَّحَ -عليه الصلاة والسلام- قولَ ذي اليَدَينِ بموافقةِ أبي بكرٍ وعمرَ، وعَمِلَ به الصَّحابةُ والعقلاءُ.

وقياسُ المذهبِ يُرَجَّحُ بالأوثقِ (أَوْ) أي: ويُرَجَّحُ بِالـ (أَكْثَرِ أَدِلَّةً) في الأصحِّ، فإنَّ كَثرَتَها تُفيدُ تقويةَ الظَّنِّ، والظَّنَّانِ أقوى مِن الظَّنِّ الواحدِ؛ لكونِهما أقربَ إلى القطعِ.

(و) يَقَعُ ترجيحُ أحدِ الرَّاويَينِ بكونِه راجحًا على الآخَرِ في وصفٍ يَغلِبُ على الظَّنِّ صِدقُه، فيُرَجَّحُ (بِالأَزْيَدِ ثِقَةً، وَبِفِطْنَةٍ، وَوَرَعٍ، وَعِلْمٍ، وَضَبْطٍ، وَلُغَةٍ (١)، وَنَحْوٍ) فكلُّ وصفٍ مِن هذه الأوصافِ يُرَجَّحُ بها على مَن لم يَبْلُغْها، فيُرَجَّحُ العالمُ بالنَّحوِ تصريفًا وإعرابًا؛ لأنَّ العالمَ بذلك يَتَحَفَّظُ عن موانعِ الزَّلَلِ، فالوثوقُ بروايتِه أقوى مِن غيرِه، وكذلك علمُ اللُّغةِ.

(وَ) يُرَجَّحُ (بِالأَشْهَرِ بِـ) شيءٍ مِن (إحدى (٢) هذه الصِّفاتِ (السَّبْعَةِ) وإن لم يُعلَمْ رُجحانُه فيها، فإنَّ كَوْنَه أشهرَ إِنَّمَا يَكُونُ في الغالبِ لرُجحانِه.

(وَ) يُرجَّحُ أيضًا أحدُ الرَّاويَينِ (بِالأَحْسَنِ سِيَاقًا) لأنَّ حُسنَ السِّياقِ دليلٌ على رُجحانِه، (وَ) يُرَجَّحُ أيضًا (بِاعْتِمَادِ) الرَّاوي في الرِّوايةِ (عَلَى حِفْظِهِ)


(١) ليس في «ع».
(٢) في «مختصر التحرير» (ص ٢٧٤): أحد.

<<  <   >  >>