للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

مثالُ نسخِ القرآنِ بمِثلِه: نسخُ الاعتدادِ بالحولِ في الوفاةِ في قولِه تَعالى: {مَتَاعًا إِلَى الْحَوْلِ} (١) نُسِخَ بقولِه تَعالى: {يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا} (٢).

وأمَّا نسخُ متواترِ السُّنَّةِ بمتواترِها فجائزٌ عقلًا وشرعًا (٣)، ولكنَّ وُقوعَهما مُتَعَذِّرٌ في هذه الأزمنةِ وهي قليلةٌ جدًّا، بل كلُّ هذه الأحاديثِ آحادٌ، إمَّا في أوَّلِها، وإمَّا في آخِرِها، وإمَّا من (٤) أوَّلِ إسنادِها إلى آخِرِه.

(وَ) يَجُوزُ نسخُ (سُنَّةٍ بِقُرْآنٍ) على الصَّحيحِ.

مثالُه: ما كانَ من (٥) جوازِ تأخيرِ صلاةِ الخوفِ، نُسِخَ بقولِه تَعالى: {فَإِنْ خِفْتُمْ فَرِجَالًا أَوْ رُكْبَانًا} (٦)، واستُدِلَّ له بأنَّه لا يَمتنعُ لذاتِه ولا لغيرِه؛ إذْ تحريمُ المباشرةِ لياليَ رمضانَ وتأخيرُ صلاةِ الخوفِ وغيرُ ذلك ثَبَتَ بالسُّنَّةِ ونُسِخَ بالقرآنِ بالإجماعِ.

(وَ) يَجُوزُ نَسخُ (آحَادٍ) مِن السُّنَّةِ وهو ما عدا المُتواترَ (بِـ) حديثٍ (مِثْلِهِ) أي: غيرِ متواترٍ.

مثالُه: ما في «صحيحِ مسلمٍ» (٧) عن بُرَيْدَةَ أنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ القُبُورِ، فَزُورُوهَا» رَوَاه التِّرمذيُّ (٨) بزيادةِ: «تُذَكِّرُكُمُ الآخِرَةَ»، ووجهُ الشَّاهدِ في الخبَرِ أنَّه -صلى الله عليه وسلم- قال: «كُنْتُ نَهَيْتُكُمْ»، فصَرَّحَ بأنَّ النَّهيَ مِنَ السُّنَّةِ.


(١) البقرة: ٢٤٠.
(٢) البقرة: ٢٣٤.
(٣) ليس في «د».
(٤) في «ع»: في.
(٥) في «ع»: في.
(٦) البقرة: ٢٣٩.
(٧) «صحيح مسلم» (٩٧٧).
(٨) «جامع الترمذي» (١٠٥٤).

<<  <   >  >>