للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

عليهم. ثمَّ إنَّهم لم يَكُنْ بينَهم في صيغةِ الأمرِ ونحوِها خلافٌ، وخلافُنا فيه لا يَستلْزِمُه، فعلى هذا يَكُونُ حُجَّةً، ورَجَعَتْ إليه الصَّحابةُ وهو الصَّحيحُ.

وقولُ الصَّحابيِّ: أُبِيحَ لنا كذا، (وأُمِرْنَا) بكذا، (وَنُهِينَا) عن كذا، (وَرُخِّصَ لَنا) في كذا، (وَحُرِّمَ) بالبناءِ للمفعولِ فيهنَّ (عَلَيْنَا) كذا: حُجَّةٌ عندَ الأكثرِ، ونُقِلَ عن أهلِ الحديثِ؛ إذْ مرادُ الصَّحابيِّ الاحتجاجُ به، فيُحمَلُ على صُدورِه ممَّن يُحتَجُّ بقولِه، وهو الرَّسولُ -صلى الله عليه وسلم-، هو الَّذِي أباحَ لهم، وأَمَرَهم ونَهَاهم، ورَخَّصَ لهم، وحَرَّمَ عليهم تبليغًا عنِ اللهِ تعالى، وإنْ كانَ يُحتَمَلُ أنَّه مِن بعضِ الخلفاءِ، لكنَّه بعيدٌ، فإنَّ المُشَرِّعَ لذلك هو صاحبُ الشَّرعِ.

(وَ) مِثْلُه قولُه: (مِنَ السُّنَّةِ) كذا على الصَّحيحِ.

وقد يَكُونُ قولُه (١): مِن السُّنَّةِ مُسْتَحَبًّا، كقولِ عليٍّ -رضي الله عنه-: مِن السُّنَّةِ وَضْعُ الكفِّ على الكفِّ في الصَّلَاةِ تحتَ السُّرَّةِ (٢).

وقد يَكُونُ واجبًا كقولِ أنسٍ: مِنَ السُّنَّةِ إذا تَزَوَّجَ البِكْرُ على الثَّيِّبِ أقامَ عندَها سَبْعًا (٣). فليسَ في الصِّيغةِ تَعيينُ حُكْمٍ مِن (٤) وجوبٍ أو غيرِه.

(وَ) قَوْلُ الصَّحابيِّ: (كُنَّا نَفْعَلُ) كذا، أو نَقُولُ، أو نَرَى كذا على عَهْدِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-: كلُّ ذلك حُجَّةٌ؛ لأنَّه في مَعرضِ (٥) الحُجِّيَّةِ، فالظَّاهرُ بُلُوغُه وتقريرُه.


(١) في (ع): قولًا.
(٢) رواه أبو داود (٧٥٦). وضعَّفه النووي في «خلاصة الأحكام» (١٠٩٧).
(٣) رواه البخاري (٥٢١٣)، ومسلم (١٤٦١).
(٤) ليست في (ع).
(٥) في ع، د: معظم. والمثبت موافق لما في أصول الفقه ٢/ ٢٣٢.

<<  <   >  >>