للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(وَ) إذا ثَبَتَ أنَّ الدَّوَرَانَ يُفيدُ الظَّنَّ فـ (لَا يَلْزَمُ المُسْتَدِلَّ نَفْيُ مَا هُوَ أَوْلَى) بالعِلِّيَّةِ (مِنْهُ) أي: ممَّا أَبْدَاه عِلَّةً على المختارِ؛ لأنَّه لو لَزِمَه ذلك لَلَزِمَ نَفيُ سائرِ القوادحِ، ويَنتشِرُ البحثُ ويَخرُجُ الكلامُ عنِ الضَّبطِ، ومَنِ ادَّعى وصفًا آخَرَ فعليه إبداؤُه.

(فَإِنْ أَبْدَى المُعْتَرِضُ وَصْفًا آخَرَ) أي: غيرَ الَّذِي أَبْدَاه المُستدِلُّ، فإنْ كانَ قاصِرًا والَّذي أَبْدَاه المُستدِلُّ مُتَعَدِّيًا (تَرَجَّحَ جَانِبُ المُسْتَدِلِّ بِالتَّعْدِيَةِ) أي: تَرَجَّحَ الوصفُ الَّذِي أَبْدَاه المُستدِلُّ بأنَّه مُتَعَدٍّ، بناءً على ترجيحِ المُتعدِّيةِ على القاصرةِ، وإنْ كانَ الَّذِي أَبْداه المُعتَرضُ مُتَعَدِّيًا (فَإِنْ تَعَدَّى إِلَى الفَرْعِ المُتَنَازَعِ فِيهِ) بُنِيَ على جوازِ التَّعليلِ بعِلَّتَينِ، فإنْ مَنَعْنَاه ضَرَّ، وإلَّا (لَمْ يَضُرَّ)؛ لجوازِ اجتماعِ مُعَرِّفينِ على مُعَرِّفٍ واحدٍ، (وَإِنْ تَعَدَّى) الَّذِي أَبْداه المُعتَرضُ (إِلَى فَرْعٍ آخَرَ) غيرِ المتنازعِ فيه (طُلِبَ التَّرْجِيحُ) لأحدِ الوَصفينِ على الآخَرِ بدليلٍ خارجيٍّ، فلو كانَ وصفُ المُستدِلِّ غيرَ مناسبٍ ووصفُ المُعتَرضِ مناسبًا؛ قُدِّمَ المناسبُ قطعًا.

(وَالطَّرْدُ: مُقَارَنَةُ الحُكْمِ لِلْوَصْفِ بِلَا مُنَاسَبَةٍ) بينَهما لا بالذَّاتِ ولا بالتَّبَعِ.

مثالُه: قولُ بعضِهم في إزالةِ النَّجاسةِ بنحوِ الخلِّ: مائعٌ لا يُبنى على جنسهِ القناطرُ، ولا يُصادُ منه السَّمكُ، ولا تَجري فيه السُّفُنُ، ولا يَنبُتُ فيه القصبُ، أو لا تَقُومُ فيه الجواميسُ، أو لا يُزرَعُ عليه الزَّرعُ، ونحوُ ذلك، فلا تَزولُ به النَّجاسةُ كالدُّهنِ.

وهل تَكُونُ المُقارنةُ في جميعِ الصُّورِ، أو فيما سِوى صورةِ النِّزاعِ، أو في صورةٍ واحدةٍ؟ الأوَّلُ قَدَّمَه في «شرح الأصل» (١) وجَرى عليه جَمعٌ.


(١) «التحبير شرح التحرير» (٧/ ٣٤٤٦).

<<  <   >  >>