للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

كلَّ صائمٍ يَحصُلُ له أجرٌ عظيمٌ، وذلك يَستلزمُ الصِّحَّةَ، ويَأتي جوابُه معَ ما بَعدَه.

ومثالُ مخالفةِ نصِّ السُّنَّةِ أنْ يَقُولَ: لا يَصِحُّ السَّلَمُ في الحيوانِ؛ لأنَّه يَشتمِلُ على غَرَرٍ، فلا يَصِحُّ كالسَّلَمِ في المختلطِ. فيُقالُ: هذا فاسدُ الاعتبارِ؛ لمخالفةِ سُنَّةِ رسولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- أنَّه رَخَّصَ في السَّلَمِ.

ومثالُ مخالفةِ الإجماعِ: قولُ حنفيٍّ: لا يَجُوزُ للرَّجُلِ أنْ يُغَسِّلَ امرأتَه؛ لأنَّه يَحرُمُ النَّظَرُ إليها كالأجنبيَّةِ، فيُقال: هذا فاسدُ الاعتبارِ؛ لمخالفةِ الإجماعِ السُّكُوتِيِّ، وهو أنَّ عليًّا غَسَّلَ فاطمةَ (١)، وسُمِّيَ هذا النوعُ بذلك؛ لأنَّ الفسادَ لَيْسَ في وضعِ القِيَاسِ وتركيبِه، بل لأمرٍ مِن (٢) خارجٍ، وهو عدمُ صِحَّةِ الاحتجاجِ به معَ وجودِ النَّصِّ المخالِفِ له؛ لحديثِ معاذٍ (٣) حيثُ أَخَّرَ العملَ بالقِيَاسِ عنِ النَّصِّ، وصَوَّبَه -صلى الله عليه وسلم-، فدَلَّ على أنَّ رُتبةَ القِيَاسِ بعدَ النَّصِّ، ولأنَّ الظَّنَّ المستفادَ مِن النَّصِّ أقوى رُتبةً مِن الظَّنِّ المستفادِ مِنَ القِيَاسِ، وكذا الصَّحابةُ لم يَقِيسوا إلَّا معَ عدمِ النَّصِّ؛ ولأنَّه لا يَجُوزُ الحُكمُ بالقِيَاسِ إلَّا بعدَ طَلَبِه مِن النُّصوصِ.

(وَجَوَابُهُ) أي: جوابُ هذا القَدحِ يَحصُلُ بأوجهٍ:


(١) رواه الحاكم (٣/ ١٧٩)، والبيهقي (٣/ ٥٥٦) عن أَسْمَاءَ بنت عُمَيْسٍ قَالَتْ: غَسَّلْتُ أنا وَعَلِيٌّ، فَاطِمَةَ بِنْتَ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-.
(٢) ليس في «ع».
(٣) يشير إلى ما رواه أبو داود (٣٥٩٢)، والترمذي (١٣٢٧) أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- بَعَثَ مُعَاذًا إِلَى اليَمَنِ، فَقَالَ: «كَيْفَ تَقْضِي؟»، فَقَالَ: أَقْضِي بِمَا فِي كِتَابِ اللَّهِ .. الحديث.
قال الترمذي: وليس إسناده عندي بمتصل.
وضعَّفه البخاري أيضًا في «التاريخ الكبير» (٢/ ٢٧٧).

<<  <   >  >>