للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(٣) (وَ) يكونُ المَجازُ (فِيهِمَا) أي: في المفرداتِ والإسنادِ (مَعًا) كقولِهم: أَحْيَانِي اكْتِحَالِي بِطَلْعَتِك؛ إذْ حقيقتُه: سَرَّتْني رُؤيتُك، لكنَّ إطلاقَ لفظِ الإحياءِ على السُّرورِ مجازٌ إفراديٌّ؛ [لأنَّ الحياةَ شرطُ صِحَّةِ السُّرورِ وهو مِن آثارِها، وكذا لفظُ الاكتحالِ على الرُّؤيةِ مجازٌ إفرادي] (١) لأنَّ الاكتحالَ جَعْلُ العَينِ مُشتملةً على الكحلِ، كما أنَّ الرُّؤيةَ جَعْلُ العَينِ مُشتملةً على صورةِ المرئيِّ، فلفظُ الإحياءِ والاكتحالِ حقيقةٌ في مَدلولِهما وهو سلوكُ الرُّوحِ في الجسدِ، ووضعُ الكحلِ في العَينِ واستعمالُه -أي: لفظِ الإحياءِ والاكتحالِ- في السُّرورِ والرُّؤيةِ مجازٌ إفراديٌّ، وإسنادُ الإحياءِ إلى الاكتحالِ مجازٌ تركيبيٌّ؛ لأنَّ لفظَ الإحياءِ لم يُوضَعْ ليُسْنَدَ إلى الاكتحالِ، بل إلى اللهِ تَعالى.

(٤) (وَ) يَجري المجازُ في (فِعْلٍ) على الصَّحيحِ:

تارةً بطريقِ التَّبعيَّةِ، كـ «صَلَّى» بمَعنى «دَعَا» تَبَعًا لإطلاقِ الصَّلاةِ مجازًا على الدُّعاءِ.

وتارةً بدونِها، كإطلاقِ الفعلِ الماضي بمَعنى الاستقبالِ، والمضارعِ بمَعنى الماضي، والتَّعبيرِ بالخبَرِ عنِ الأمرِ وعَكْسِه، وبالخبَرِ عنِ النَّهيِ، نحوُ: {أَتَى أَمْرُ اللَّهِ} (٢) أي: يَأتي، ونحوُ: {فَلِمَ تَقْتُلُونَ أَنْبِيَاءَ اللَّهِ} (٣) أي: فلِمَ قَتَلْتُموهم، ونحوُ: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ} (٤)، ونحوُ: {فَلْيَمْدُدْ لَهُ الرَّحْمَنُ مَدًّا} (٥)، ونحوُ: {لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} (٦).


(١) ليس في (د).
(٢) النَّحل: ١.
(٣) البقرة: ٩١.
(٤) البقرة: ٢٣٢.
(٥) مريم: ٧٥.
(٦) الواقعة: ٧٩.

<<  <   >  >>