للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

المعنى: لا أُقسِمُ بهذا البلدِ وأنْتَ لسْتَ فيه، بل لا يُعَظَّمُ ولا يَصْلُحُ للقَسَمِ إلَّا إذا كُنْتَ فيه.

(٧) (وَ) كذلك إذا دارَ الأمرُ بينَ كونِ اللَّفظِ مُؤَخَّرًا أو مُقَدَّمًا: حُمِلَ على (تَقْدِيمِهِ) كقولِه تَعالى: {وَالَّذِينَ يُظَاهِرُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا فَتَحْرِيرُ رَقَبَةٍ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} (١) فبعضُهم يَقُولُ: إنَّ في الآيةِ تقديمًا وتأخيرًا، تقديرُه: والَّذين يُظاهِرون مِن نسائِهم فتحريرُ رقبةٍ ثمَّ يَعودون لِما كانوا قبلَ الظِّهارِ سَالِمينَ مِن الإثمِ بسببِ الكفَّارةِ، والأصلُ التَّرتيبُ، فلا تَجِبُ الكفَّارةُ إلَّا بالظِّهارِ والعَوْدِ.

(٨) (وَ) كذلك إذا دارَ اللَّفظُ بينَ كونِه مُؤَكِّدًا أو مُؤَسِّسًا، حُمِلَ على (تَأْسِيسِهِ) كقولِه تَعالى: {فَبِأَيِّ آلَاءِ رَبِّكُمَا تُكَذِّبَانِ} مِن سورةِ الرَّحمنِ إلى آخِرها، فإنْ جُعِلَ تَوكيدًا لَزِمَ التَّكرارُ، والتَّوكيدُ أكثرُ مِن ثلاثِ مرَّاتٍ، والعَربُ لا تَزيدُ في التَّوكيدِ على ثلاثٍ، فيَحصُلُ في كلِّ مَحَلٍّ على ما تَقَدَّمَ على ذلك التَّكذيبِ، فيَكُونُ الجميعُ (٢) تأسيسًا لا توكيدًا.

(٩) (وَ) كذلك إذا دارَ اللَّفظُ بينَ كونِه مُتَرادفًا أو مُتباينًا: حُمِلَ على (تَبَايُنِهِ) كقولِه -صلى الله عليه وسلم-: «لِيَلِيَنِي مِنْكُمْ أُولُو الأَحْلَامِ وَالنُّهَى» (٣) فالنُّهى: جمعُ نُهْيَةٍ بالضَّمِّ وهي العقلُ، فبَعضُهم فَسَّرَ «أولو الأحلامِ» بالعقلاءِ، فيَكُونُ اللَّفظانِ مُتَرادِفَينِ، وبعضُهم فَسَّرَه بالبالغينَ وهو الأصلُ، فيَكُونُ


(١) المجادلة: ٣.
(٢) في (د): الجمع.
(٣) رواه التِّرمذيُّ (٢٢٨) مِن حديثِ ابنِ مسعودٍ -رضي الله عنه- وقال: حَسَنٌ غريبٌ.
وقالَ في «العِلل الكبير» (٩٤): سَأَلْتُ محمَّدًا عن هذا الحديثِ، فقال: أرجو أن يَكُونَ محفوظًا.

<<  <   >  >>