وقالَه له جبْريلُ أيضًا -عليه السلام- (١)، ولأنَّه لو تَعَيَّنَ جزءٌ لم يَصِحَّ قَبْلَه، وبعدَه قضاءً فيَعصِي، وهو خلافُ الإجماعِ.
(وَ) على هذا (يَجِبُ العَزْمُ) على الفِعلِ أوَّلَ الوقتِ (إِذَا أَخَّرَ) ـهُ، (وَيَتَعَيَّنُ) فِعْلُ العبادةِ (آخِرَهُ) أي: آخِرَ وَقتِها.
(وَيَسْتَقِرُّ وُجُوبُ) فِعلِ العِبادةِ (بِأَوَّلِهِ) أي: بأوَّلِ وَقتِها المُقَدَّرِ على الصَّحيحِ، وإن دَخَلَ الوقتُ بقَدرِ تكبيرةٍ؛ لأنَّ دُخولَ الوقتِ سببٌ للوجوبِ، فتَرَتَّبَ عليه حُكمُه عندَ وجودِه، ولأنَّها صلاةٌ وَجَبَتْ عليه فوَجَبَ قضاؤُها إذا فَاتَتْه، كالَّتي أَمْكَنَ أداؤُها، فعلى هذا لو طَرَأَ مانعٌ على المُكَلَّفِ بعدَ دخولِ الوقتِ بقدرِ تكبيرةٍ: لَزِمَ القضاءُ عندَ زوالِه.
(وَمَنْ أَخَّرَ) الواجبَ المُوَسَّعَ (مَعَ ظَنِّ مَانِعٍ) منه، (كَعَدَمِ البَقَاءِ) بأنْ ظَنَّ أنَّه يَمُوتُ قبلَ أنْ يَبقى مِن الوقتِ زمنٌ يَتَّسِعُ للفعلِ فيه: (أَثِمَ) إجماعًا، لتَضيِيقه عليه بظَنِّه، ومِثْلُه إذا ظَنَّتْ حيضًا في أثناءِ الوقتِ وكانَ لها عادةٌ بذلك، أو أُعِيرَ سُتْرةً أوَّلَ الوقتِ فقط، أو مُتوضِّئٌ عَدِمَ الماءَ في السَّفرِ وطهارتُه لا تَبقى إلى آخِرِ الوقتِ، ولا يَرجو وُجودَه، ومستحاضةٌ لها عادةٌ بانقطاعِ دَمِها في وقتٍ يَتَّسِعُ لِفِعلِها، فيَتَعَيَّنُ فِعلُ الصَّلاةِ في ذلك الوقتِ في هذه الصُّورِ، ولا يَجوزُ له التَّأخيرُ.