للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قيلَ: الأصلُ عدمُ التَّغييرِ، وأهلُ العُرفِ يُسَمُّون النَّاطقَ مُتَكَلِّمًا، ومَن عَدَاه ساكتًا أو أَخرَسَ.

قالُوا: قولُه تَعالى: {إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} (١) أَكْذَبَهم اللهُ في شهادَتِهم، ومعلومٌ صِدقُهم في النُّطقِ اللِّسانيِّ، فلا بدَّ مِن إثباتِ كلامٍ في النَّفْسِ لكونِ الكذبِ عائدًا إليه.

قالَ ابنُ قاضي الجبلِ: الشَّهادةُ: الإخبارُ (٢) عن الشَّيْءِ مع اعتقادِه، فلَمَّا لم يَكُونوا مُعتقِدينَ أَكْذَبَهم اللهُ تَعالى (٣).

وذَكَرَ أبو نصرٍ السِّجِسْتَانِيُّ في كتابِه «الرَّدّ على مَن أَنْكَرَ الحرفَ (٤) والصَّوتَ» (٥): عن الزُّهْرِيِّ، عن أبي بكرِ بنِ عبدِ الرَّحمنِ بنِ الحارثِ، عن جريرِ بنِ جابرٍ، عن كعبٍ أنَّه قَالَ: «لَمَّا كَلَّمَ اللهُ مُوسَى -عليه الصلاة والسلام- كَلَّمَهُ بِالأَلْسِنَةِ كُلِّهَا قَبْلَ لِسَانِهِ، فَطَفِقَ مُوسَى يَقُولُ: وَاللهِ يَا رَبِّ! مَا أَفْقَهُ هَذَا، حَتَّى كَلَّمَهُ بِلِسَانِهِ آخِرَ الأَلْسِنَةِ بِمِثْلِ صَوْتِهِ».

قال: وهو محفوظٌ عنِ الزُّهريِّ، رَوَاه عنه (٦) ابنُ أبي عتيقٍ، والزّبيديُّ، ومَعمَرٌ، ويونُسُ بنُ يزيدَ، وشُعيبُ بنُ أبي حمزةَ، وهم كلُّهم أئمَّةٌ، ولم

يُنْكِرْه أحدٌ (٧) منهم.


(١) المنافقون: ١.
(٢) في (د): بالإخبار.
(٣) ينظر: «التحبير شرح التحرير» (٣/ ١٢٧٦).
(٤) في (ع): الحروف.
(٥) «رسالة السجزي إلى أهل زبيد في الرد على من أنكر الحرف والصوت» (ص ٢٤٥).
(٦) ليست في (ع).
(٧) في (ع): واحد.

<<  <   >  >>