للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

والثَّاني: أنْ يَكُونَ في مَحَلِّ الاجتهادِ لا في غيرِه.

والثَّالثُ: أنْ يَطَّلِعوا عليه، وهو المُرادُ بقولِه: (إِنِ انْتَشَرَ) فخَرَجَ ما لم يَطَّلِعْ عليه السَّاكتون، فإنَّه لا يَكُونُ حُجَّةً قطعًا، وهل المُرادُ القطعُ باطِّلاعِهم، أو غلبةُ الظَّنِّ؟

قُلْتُ: ظاهرُ قواعدِ المذهبِ أنَّه يَكفي غلبةُ الظَّنِّ بذلك لانتشارِه وشهرتِه؛ لأنَّ ذلك الإجماعَ ظَنِّيٌّ.

(وَ) الرَّابعُ: إنْ (مَضَتْ مُدَّةٌ يُنْظَرُ فِيهَا) ذلك القولُ عادةً في تلك الحالةِ، فخَرَجَ ما إذا لم يَمْضِ مُدَّةُ النَّظرِ، لاحتمالِ أنْ يَكُونَ السَّاكتُ في مهلةِ النَّظرِ.

(وَ) الخامسُ: إنْ (تَجَرَّدَ) قولُ المُجتهدِ (عَنْ قَرِينَةِ رِضًا وَسَخَطٍ) وإنْ لم يُصَرِّحوا به، فخَرَجَ ما كانَ هناك أمارةُ سخطٍ، فإنَّه ليسَ بحُجَّةٍ بلا خلافٍ، كما أنَّه إذا كانَ معه أمارةُ رِضًا يَكُونُ إجماعًا بلا خلافٍ، كما (١) قال بعضُهم.

(وَ) السَّادسُ: إنْ (لَمْ يُنْكَرْ) ذلك مع طولِ الزَّمانِ.

والسَّابعُ: أنْ يَكُونَ (قَبْلَ اسْتِقْرَارِ المَذَاهِبِ) فأمَّا بعدَ استقرارِها فلا أَثَرَ للسُّكُوتِ قطعًا، كإفتاءِ مُقَلِّدٍ سَكَتَ عنه المُخالفونَ للعِلْمِ بمَذهَبِهم ومذهبِه، كحنبليٍّ يُفتي بنقضِ الوضوءِ بمسِّ الذَّكَرِ، فلا يَدُلُّ سُكُوتُ مَن يُخالِفُه كالحَنفيَّةِ على موافقتِه، وحيثُ تَوَفَّرَتْ هذه الشُّروطُ للمُجتهدِ، فقولُه: (إِجْمَاعٌ ظَنِّيٌّ)؛ لأنَّ الظَّاهرَ المُوافقةُ، لبُعدِ سُكُوتِهم عادةً.

و (لَا) يَكُونُ (الأخْذُ بِأَقَلِّ مَا قِيلَ) إجماعًا (كَدِيَةِ الكِتَابِيِّ) كاليهوديِّ (الثُّلُثُ) مِثْلُ قولِ الشَّافعيِّ -رحمه الله-: إنَّ دِيَةَ اليهوديِّ ثُلُثُ دِيَةِ المسلمِ، فإنَّه لا


(١) ليست في (د).

<<  <   >  >>