وإنْ لم يَكُنْ مَعلومًا مِن الدِّينِ بالضَّرورةِ، ولكنَّه منصوصٌ عليه مشهورٌ عندَ الخاصَّةِ والعامَّةِ، فيُشارِكُ القِسْمَ الَّذِي قَبْلَه في كَوْنِه مَنصوصًا ومشهورًا، ويُخالِفُه مِن حَيْثُ إنَّه لم يَنْتَهِ إلى كونِه ضروريًّا في الدِّينِ؛ فيَكْفُرُ به جاحِدُه أيضًا.
وإنْ لم يَكُنْ مَنصوصًا عليه، لكنَّه بَلَغَ مع كَوْنِه مُجمَعًا عليه في الشُّهرةِ مَبْلَغَ المنصوصِ بحَيثُ يَعرِفُه الخاصَّةُ والعامَّةُ، فهذا أيضًا يَكفُرُ مُنكِرُه في أصحِّ قوليِ العلماءِ؛ لأنَّه يَتَضَمَّنُ تكذيبُهم تكذيبَ الصَّادقِ.
وقيلَ: لا يَكفُرُ لعدمِ التَّصريحِ بالتَّكذيبِ.
وإنْ لم يَكُنْ مَنصوصًا عليه، ولا بَلَغَ في الشُّهرةِ مَبلَغَ المنصوصِ، بل هو خَفِيٌّ لا يَعرِفُه إلَّا الخَوَاصُّ، كإنكارِ استحقاقِ بنتِ الابنِ السُّدُسَ مع البنتِ، وإفسادِ الحجِّ بالوطءِ قبلَ الوقوفِ بعَرفةَ: فهذا لا يَكفُرُ جاحِدُه، ولا مُنكِرُه؛ لعُذرِ الخفاءِ، خلافًا لبعضِ الفقهاءِ في قولِه:«إنَّه يَكفُرُ»؛ لتكذيبِه الأُمَّةَ.
وَرُدَّ: بأنَّه لم يُكَذِّبْهم صريحًا، إذا فُرِضَ أنَّه لم يَكُنْ مَشهورًا، فهو مِمَّا يَخفى عليه مِثْلُه، فهذا تحقيقُ هذه المسألةِ وتحريرُها.