للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(وَمِنْهَا) أي: الكبائرِ: (غِيبَةٌ، ونَمِيمَةٌ) على الأصحِّ، (وَ) تَحمِلُه على تَرْكِ (الرَّذَائِلِ) المُباحةِ؛ أي: تَرْكِ ما فيه دناءةٌ، وتَركِه مروءةً، كأَكلِه في السُّوقِ بينَ النَّاسِ الكثيرِ، ومَدِّ رِجلَيْه، وكشفِ رأسِه بينَهم، واللَّعِبِ بالحَمَّامِ، وصُحبَةِ الأراذلِ، والإفراطِ في المَزحِ؛ لحديثِ ابنِ مَسعودٍ: «إِذَا لَمْ تَسْتَحِي (١) فَاصْنَعْ مَا شِئْتَ» رَوَاه البخاريُّ (٢) أي: اصنَعْ ما تَشاءُ، فلا يُوثَقُ به، لكنْ يُعتَبَرُ تكرارُ ذلك كالصَّغائرِ.

(٣) ويُشتَرَطُ مع ذلك كَوْنُه (بِلَا بِدْعَةٍ مُغَلَّظَةٍ) كالتَّجهُّمِ.

(وَيُقْبَلُ قَاذِفٌ بِلَفْظِ الشَّهَادَةِ) أي: تُقبَلُ روايتُه؛ لأنَّ نقصَ العددِ ليسَ مِن جِهَتِه، واتَّفقَ النَّاسُ على الرِّوايةِ عن أبي بَكْرَةَ، (وَ) المذهبُ عندَهم (يُحَدُّ) القاذفُ بلَفْظِ الشَّهادةِ مع قبولِ روايتِه.

قالَ الشِّيرَازِيُّ في «اللُّمعُ»: وأبو بَكْرَةَ ومَن شَهِدَ مَعَه تُقْبَلُ روايتُهم؛ لأنَّهم أَخرَجُوا ألفاظَهم مُخرَجَ الإخبارِ، لا مُخرَجَ القذفِ، وجَلَدَهم عمرُ باجتهادِه (٣).

(وَ) أمَّا (الصَّغَائِرُ) فإنَّها لم تَدخُلْ في حدِّ العَدالةِ؛ لِما فيها مِن التَّفصيلِ، فلذلك ذَكرها (٤) على حِدَةٍ، (وَهُنَّ) أي: الصَّغائرُ مع كثرةِ صُورِهِنَّ (سَوَاءٌ حُكْمًا) ولم يُفَرِّقْ أصحابُنا وغيرُهم فيها، بل أَطلَقُوا، فظاهرُه أنَّه لا فَرقَ، بل ذَكَرَ أبو الخَطَّابِ في «التَّمهيد» (٥) التَّطْفِيفَ مِنها واعتبَرَ التَّكرارَ، والأصحُّ


(١) (إذا لم تَسْتَحْيِ): بإسكانِ الحاءِ وكسرِ الياء مخفَّفة، وعلامة جزمه حذفُ الياء التي هي لامُ الفعل، يُقال: استحيا يَسْتَحْيِي، ويُروى: (إذا لم تَسْتَحِ) بحاءٍ ليس بعدَها ياء؛ مِنِ "استَحَى يستَحِي" ..
(٢) «صحيح البخاري» (٣٤٨٤).
(٣) «اللُّمع في أصول الفقه» (ص ٧٧).
(٤) في (د): ذكروها.
(٥) «التمهيد في أصول الفقه» (٣/ ١٠٩).

<<  <   >  >>