للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(وَ) لا ما رَوَاه جاهلٌ بـ (فِقْهٍ وَعَرَبِيَّةٍ) فلا يُعتَبَرُ علمُ الرَّاوي بمعنى الحديثِ والفقهِ والعربيَّةِ على الصَّحيحِ الَّذِي عليه أكثرُ العلماءِ؛ لحديثِ زيدِ بنِ ثابتٍ أنَّ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- قال: «نَضَّرَ اللَّهُ امْرَأً سَمِعَ مِنَّا حَدِيثًا فَحَفِظَهُ حَتَّى بَلَّغَهُ غَيْرَهُ، فَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ إِلَى مَنْ هُوَ أَفْقَهُ مِنْهُ، وَرُبَّ حَامِلِ فِقْهٍ وليسَ بِفَقِيهٍ» رَوَاه الشَّافعيُّ (١) وأحمدُ (٢) بإسنادٍ جيِّدٍ، وحسَّنَهُ التِّرمذيُّ (٣).

وقولُه -صلى الله عليه وسلم-: «نَضَّرَ اللهُ» رَوَاه الأَصْمَعِيُّ بتشديدِ الضَّادِ المُعجَمَةِ، وأبو عُبيدٍ بتخفيفِه؛ أي: نَعَّمَ (٤) اللهُ، وفي حديثِ ابنِ مسعودٍ: «فَرُبَّ مُبَلِّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ» صَحَّحَه التِّرمذيُّ (٥).

تنبيهٌ: إِنَّمَا تُعتَبَرُ روايةُ الفقيهِ إذا رَوى باللَّفظِ والمعنى المُطابِقِ، وكانَ يَعرِفُ مُقتَضياتِ الألفاظِ، والعدالةُ تَمنَعُه مِن تحريفٍ لا يَجُوزُ.

(٨) (وَ) لا يُرَدُّ ما رَوَاه (عَدِيمُ نَسَبٍ وَمَجْهُولُهُ) فلا يُعتَبَرُ معرفةُ نَسَبِ الرَّاوي، كالعبدِ وغيرِه ممَّن لا يُعرَفُ نَسَبُه، وإنْ كانَ في الأصلِ له نَسَبٌ كعَدمِ نَسَبِه بالكُلِّيَّةِ، كوَلَدِ الزِّنا، والمَنْفِيِّ بلِعانٍ إذا كانوا عدولًا، ولأنَّهم داخلون في عُمومِ الأَدِلَّةِ، فصَحَّتْ روايتُهم كغيرِهم.


(١) «مُسنَدُ الشَّافعيِّ» (ص: ٢٤٠).
(٢) «مسندُ أحمدَ» (٢١٩٩١).
(٣) «جامعُ التِّرمذيِّ» (٢٦٥٦).
(٤) في (د): نعمه.
(٥) «جامعُ التِّرمذيِّ» (٢٦٥٧).

<<  <   >  >>