للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(٣) (فَعَمَلُ) الرَّاوي (بِرِوَايَتِهِ) أي: بروايةِ المُعَدَّلِ (إِنِ) اعتُدَّ بتعديلِه، و (عُلِمَ) بالبناءِ للمجهولِ (أَنَّهُ لَا مُسْتَنَدَ لَهُ) أي: للعاملِ برِوايَتِه [في عَمَلِه] (١) (غَيْرُهَا) أي: غيرُ هذه الرِّوايةِ، وهذا الثَّالثُ مِمَّا يَحصُلُ به التَّعديلُ، فإنْ لم يُعلَمْ ذلك منه لم يَكُنْ تعديلًا؛ لاحتمالِ (٢) أن يَكُونَ عَمِلَ بدليلٍ آخَرَ وافَقَ رِوايَتَه، قالَه المُوَفَّقُ وأبو المَعالي (٣) إلَّا فيما العملُ به احتياطًا لفِسْقِه لو عَمِلَ بفاسقٍ، وهذا عندَ الأكثرِ.

(وَلَيْسَ تَرْكُ عَمَلٍ بِهَا) أي: بروايةِ راوٍ، (وَ) لا تَرْكُ عملٍ (بِشَهَادَةِ) شاهِدٍ (جَرْحًا) لذلك الرَّاوي والشَّاهدِ، لاحتمالِ سببٍ سِوى تركِ العملِ، فلا يُحكَمُ على الرَّاوي والشَّاهدِ إذا تُرِكَ العملُ بهما بجَرحِهما عندَ الجمهورِ؛ لأنَّ تركَ العملِ قد يَكُونُ لمعنًى فيهما مِن تُهمةِ قرابةٍ، أو عداوةٍ، أو غيرِ ذلك، وقد يَكُونُ لغيرِ ذلك، فإذا احتمل واحتملَ فلا نَحكُمُ عليه بالجرحِ بذلك مع الاحتمالِ؛ لأنَّ الأصلَ عَدَمُه، وليسَ تَرْكُ الحُكْمِ بها مُنحَصِرًا في الفسقِ، ولأنَّ عَمَلَه قد يَكُونُ مُتَوَقِّفًا على أمْرٍ آخَرَ زائدٍ على العدالةِ، فيَكُونُ التَّركُ لعدمِ ذلك، لا لانتفاءِ العدالةِ.

(٤) (ثُمَّ) الرَّابعُ مِمَّا يَحصُلُ به التَّعديلُ: (رِوَايَةُ عَدْلٍ عَادَتُهُ) أي: إنْ (٤) عُرِفَ مِن مَذهَبِه، أو عادتِه، أو صريحِ قَوْلِه، أنَّه لا يَرى (٥) الرِّوايةَ، و (لَا يَرْوِي إِلَّا عَنْ عَدْلٍ): كانَ تعديلًا عندَ الإمامِ أحمدَ والمُوَفَّقِ (٦) والشَّيخِ وغيرِهم، وإنْ لم يُعرَفْ منه ذلك: فليسَ بتعديلٍ؛ إذ قد يَروي الشَّخصُ عمَّن لو سُئِلَ عنه لسَكَتَ.


(١) ليس في (د).
(٢) في (ع): للاحتمال.
(٣) «البرهان في أصول الفقه» (١/ ٦٢٤).
(٤) في «ع»: إن من.
(٥) في (د): يروي.
(٦) «روضة الناظر» (١/ ٣٤٤).

<<  <   >  >>