للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

قبلَ أنْ يُبْعَثَ، فوَعَدْتُه أنْ آتِيَه في مكانِه، فقال: يا فتى! لقد شَقَقْتَ عليَّ، أنا في انتظارِك منذُ ثلاثٍ (١). ثمَّ لم يُنقَلْ أنَّه اجتمعَ به بعدَ المبعثِ.

تنبيهٌ: قولُه: «مَنْ لَقِيَهُ» يَعُمُّ البصيرَ، والأعمى، فهو أحسنُ مِن قولِ مَن رَآه.

(قَالَ) القاضي علاءُ الدِّينِ المَرْدَاوِيُّ (فِي الأَصْلِ) الَّذِي هو «التَّحريرُ»: (وَلَوْ جِنِّيًّا فِي الأَظْهَرِ) (٢) لاختلافِ العلماءِ في الجنِّ الَّذين قَدِمُوا على النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- مِن نَصِيبِينَ، وهم ثمانيةٌ مِن اليهودِ، أو سبعةٌ، ولهذا قال تعالى: {أُنْزِلَ مِنْ بَعْدِ مُوسَى} (٣)، وذَكَرَ في أسمائِهم شاصَ، وماصَ، وناشي، ومنشي، والأحقبَ، وزوبعةَ، وسُرَّقَ، وعمرَو بنَ جابِرٍ.

قالَ في «شرحِ الأصلِ»: والأَوْلَى أنَّهم مِن الصَّحابةِ، وأنَّهم لَقُوُا النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم-، وآمَنوا به، وأَسْلَموا، وذَهَبوا إلى قومِهم مُنْذِرِين (٤).

تنبيهٌ: قال بعضُ العلماءِ: خَرَجَ مِن الصَّحابةِ: مَن رآهم النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم- حينَ كُشِفَ له عنهم ليلةَ الإسراءِ، أو غيرِها، ومَن رَآه في غيرِ عالَمِ الشَّهادةِ كالمنامِ، وكذا مَنِ اجتمعَ به من الأنبياءِ، والملائكةِ في السَّمواتِ؛ لأنَّ مَقامَهم أجلُّ مِن رتبةِ الصُّحبةِ، وكذا مَنِ اجتمعَ به في الأرضِ: كعيسى، والخَضِرِ


(١) «سنن أبي داود» (٤٩٩٦) ولفظه: بَايَعْتُ النَّبِيَّ -صلى الله عليه وسلم- بِبَيْعٍ قَبْلَ أَنْ يُبْعَثَ وَبَقِيَتْ لَهُ بَقِيَّةٌ فَوَعَدْتُهُ أَنْ آتِيَهُ بِهَا فِي مَكَانِهِ، فَنَسِيتُ، ثُمَّ ذَكَرْتُ بَعْدَ ثَلَاثٍ، فَجِئْتُ فَإِذَا هُوَ فِي مَكَانِهِ، فقال: «يَا فَتًى، لَقَدْ شَقَقْتَ عَلَيَّ، أَنَا هَاهُنَا مُنْذُ ثَلَاثٍ أَنْتَظِرُكَ».
وضعَّفه ابن الجوزي في «العلل المتناهية» (٢/ ٢٣٩).
(٢) «تحرير المنقول» (ص ١٧٧).
(٣) الأحقاف: ٣٠.
(٤) «التحبير شرح التحرير» (٤/ ٢٠٠٣).

<<  <   >  >>