للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

(وَ) الجوابُ لا المُستقِلُّ تابعٌ للسُّؤالِ (فِي قَوْلٍ) للقاضي (١) وأبي الخطَّابِ (٢) والآمِدِيِّ (٣) وغيرِهم: (وَخُصُوصِهِ) أيضًا، كقولِه تعالى: {فَهَلْ وَجَدْتُمْ مَا وَعَدَ رَبُّكُمْ حَقًّا قَالُوا نَعَمْ} (٤)، وكقولِه -عليه السلام- لأبي بُردةَ: «تُجْزِئُكَ ولا تُجْزِئُ أَحَدًا بَعْدَكَ» (٥) أي: في الأُضحيَّةِ.

فهذا وأمثالُه وإنْ تُرِكَ فيه الاستفصالُ مع تعارُضِ الأحوالِ لا يَدُلُّ على التَّعميمِ في حقِّ غيرِه؛ إذِ اللَّفظُ لا عمومَ له، ولَعَلَّ الحُكْمَ على ذلك الشَّخصِ لمَعنًى يَختَصُّ به كتخصيصِ أبي بُردةَ بقولِه: «ولا تُجْزِئُ أَحَدًا بَعْدَكَ» (٥)، ثمَّ بتقديرِ تعميمِ المعنى فبالعلَّةِ لا بالنَّصِ؛ لاحتمالِ معرفةِ حالِه، فأجابَ على ما عَرَف، وعلى هذا يَجرِي أكثرُ الفتاوى مِن المُفتينَ (٦).

والقولُ الثَّاني: أنَّه لا يَتْبَعُ السُّؤالَ في خصوصِه.

قالَ ابنُ مُفْلِحٍ: والَّذي عليه أصحابُنا التَّعميمُ، قالوا: لو اختَصَّ به لَما احتِيجَ إلى تخصيصِه، وهذا ظاهرُ كلامِ الإمامِ أحمدَ؛ لأنَّه احتجَّ في مواضعَ كثيرةٍ بمِثلِ ذلك، وكذلك أصحابُنا (٧).

قالَ المَجدُ: ما سَبَقَ إِنَّمَا يَمنَعُ قوَّةَ العُمومِ، لا ظُهورَه؛ لأنَّ الأصلَ عدمُ المعرفةِ لِما لم يُذكَرْ، ومَثَّلَه الشَّافعيُّ بقولِه لغَيلانَ وقد أَسْلَمَ على عشرِ نسوةٍ: «أَمْسِكْ عَلَيْكَ أَرْبَعًا» (٨) ولم يَسأَلْه هل وَرَدَ العقدُ عليهنَّ معًا أو مُرَتَّبًا، فدَلَّ على عدمِ الفرقِ.


(١) «العدة في أصول الفقه» (٢/ ٥٩٦).
(٢) «التمهيد في أصول الفقه» (٢/ ١٦٥).
(٣) «الإحكام» (٢/ ٣٤٥).
(٤) الأعراف: ٤٤.
(٥) رواه البخاري (٩٥٥)، ومسلم (١٩٦١).
(٦) في (د): المفتيين.
(٧) «أصول الفقه» (٢/ ٨٠٠ - ٨٠١).
(٨) رواه الترمذي (١١٢٨)، وابن ماجه (١٩٥٣)، وابن حبان (٤١٥٦) من حديث ابن عمر -رضي الله عنه-.

<<  <   >  >>