عن معلوفةِ الغنمِ دونَ غيرِها، على الصَّحيحِ، فمَتى جَعَلْناه حُجَّةً لَزِمَ انتفاءُ الحُكمِ عن جملةِ صورِ المُخالفةِ، وإلَّا لم يَكُنْ للتَّخصيصِ فائدةٌ، وتَأَوَّلُوا ذلك على أنَّ المُخالفينَ أرادوا أنَّه لم يَثْبُتْ بالمنطوقِ ولا يَختلفون فيه.
قيلَ: قولُهم: «المفهومُ لا عُمومَ له؛ لأنَّه ليسَ بلفظٍ حَتَّى يَعُمَّ» لا يُريدون به سَلْبَ الحُكْمِ عن جميعِ المعلوفةِ؛ لأنَّه خلافُ مذهبِ القائلينَ بالمفهومِ، ولكنَّهم قد يَذكُرُونه في مَعرِضِ البحثِ، فقد قالوا: دَلالةُ الاقتضاءِ تُجوِّزُ رَفْعُ الخطأِ؛ أي: حُكْمُه لا يَعُمُّ حكمَ الإثمِ والغُرْمِ مثلًا؛ تقليلًا للإضمارِ، فلذلك يُقالُ في المفهومِ: هو حُجَّةٌ؛ لضرورةِ ظُهورِ فائدةِ التَّقييدِ بالصِّفةِ، ويَكفي في الفائدةِ انتفاءُ الحُكمِ عن صورةٍ واحدةٍ؛ لتَوقُّفِ بيانِها على دليلٍ آخَرَ، وإن لم يَقُلْ بذلك أهلُ المفهومِ، لكنَّه بحثٌ مُتَّجِهٌ.
(وَرَفْعُ كُلِّهِ) أي: كلِّ المفهومِ، بحَيثُ لا يَبقى سوى المنطوقِ (تَخْصِيصٌ) له (أيضًا) لإفرادِه اللَّفظَ في منطوقِه ومفهومِه، فهو كبعضِ العامِّ.