للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ص:  >  >>

وقالَ ابنُ العِرَاقِيِّ: الحقُّ أنَّ الاستفهاميَّةَ مِن صيغِ العُمومِ دُونَ الموصولةِ، نحوُ: «مَرَرْتُ بمَنْ قَامَ»؛ فلا عمومَ لها (١).

(وَيَعُمُّ «النَّاسُ» وَ «المُؤْمِنُونَ» وَنَحْوُهُمَا) كـ الَّذين آمنوا (عَبْدًا) عندَ الأكثرِ؛ لأنَّهم يَدخُلُون في الخبَرِ فكذا في الأمرِ، وباستثناءِ الشَّارعِ لهم في الجمعةِ، (وَ) يَعُمُّ (مُبَعَّضًا) بطريقٍ أَوْلى إذا قُلْنا بدخولِ العَبيدِ.

(وَ) يَدخُلُ (كُفَّارٌ فِي) لفظِ (النَّاسِ، وَنَحْوِهِ) كأولي الألبابِ في الأصحِّ؛ إذ لا مانِعَ مِن دُخُولِهم إلَّا مع قرينةٍ تَقتضي عدمَ دُخولِهم، أو أنَّهم هم المُرادُ، لا المؤمنون فيُعمَلُ بها، نحوُ: {الَّذِينَ قَالَ لَهُمُ النَّاسُ إِنَّ النَّاسَ قَدْ جَمَعُوا لَكُمْ} (٢) لأنَّ الأوَّلَ للمؤمنينَ فقطْ، إمَّا نُعَيْمُ بنُ مسعودٍ الأشجعيُّ، وهو الَّذِي نَقَلَه المُفسِّرون، أو أربعةٌ كما نَصَّ عليه الإمامُ الشَّافعيُّ في «الرِّسالة» (٣)، والثَّاني لكفَّارِ مَكَّةَ.

لكنْ قد يُقالُ بأنَّ اللَّامَ في ذلك للعَهدِ الذِّهنيِّ والكلامُ في الاستغراقيَّةِ.

(وَ) قولُه تعالى: ({يَاأَهْلَ الْكِتَابِ} (٤) لَا يَشْمَلُ الأُمَّةَ) أي: أُمَّةَ نبيِّنا محمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم-، قَطَعَ به أكثرُ العلماءِ، كقولِه تعالى: {يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لَا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ} (٥)، {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا} (٦) فلا يَدخُلُ فيه أُمَّةُ محمَّدٍ -صلى الله عليه وسلم-، إلَّا أنْ يَدُلَّ دليلٌ على مُشاركتِهم لهم فيما خُوطبوا به؛ وذلك لأنَّ اللَّفظَ قاصرٌ عليهم، فلا يَتَعَدَّاهم، والمرادُ اليهودُ والنَّصارى.


(١) «الغيث الهامع» (ص: ٢٩٦).
(٢) آل عمران: ١٧٣.
(٣) «الرسالة» (ص ٥٨).
(٤) آل عمران: ١٣١، وغيرها.
(٥) النِّساء: ١٧١.
(٦) المائدة: ٥٩.

<<  <   >  >>